الثلاثاء، ٢٠ مايو ٢٠٠٨

التجديد ضرورة - 6

الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام والحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإيمان ، الإيمان بكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . فقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم أن الله حافظ دينه وأن الله ناصر دينه وهناك أحاديث كثيرة تحمل البشرى بعودة الإسلام إلى واجهة الحياة وأننا الأمة التي سترث هذه الأرض ونحن على يقين أن هذه الأحاديث ستتحقق كما أخبرنا بها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ولكن هذه الأحاديث تحمل في طياتها تكليفا واستنهاضا لهمم المسلمين بوجوب السعي والعمل لتحقيق النصر لدين الله وإعلاء رايته وإعلاء راية الأمة وإثبات الحق في الأرض.
وعلى ضوء ما تقدم في الأجزاء الخمسة في موضوع ( التجديد ضرورة) أسجل هنا نقاط محدودة ومختصرة وهي رسائل موجهة لكل عامل مجتهد يريد ان ينصر دينه ويعلي من شأن أمته ويريد أن يضع نفسه في موقع الشرفاء المجددين :
- إن الله سبحانه وتعالى سيحفظ دينه حفظا دائما وسيبقيه خالدا منتصرا أبدا حتى قيام الساعة .
- إن حفظ الدين وبقاء الأمة يتم عبر علماء ربانيين ومجددين مخلصين يبعثهم الله ليحموا الدين ويجددوا ما اندرس من معالمه ويبتكروا وسائل جديدة تساعد في نشر الدين وكذلك يعملوا دائما على رقي الأمة ورفعتها في جميع المجالات الفكرية والعلمية ويعملوا لتحقيق الريادة لهذه الأمة.
- المجدد القائم على عملية التجديد لا يهمه أن يعترف الناس به كمجدد أو ينكروه ولا يضيره ذلك أبدا لأن عمله التجديدي لابد أن يكون خالصا لوجه الله ولأنه يعمل هذا العمل متجردا لله لا يهمه منصب دنيوي ولكنها نية خالصة لله سبحانه وتعالى وعمل مقبول بإذن الله وجنة عرضها السماء والأرض أجر من الله سبحانه وتعالى وذلك عطاء الله يعطيه من يشاء بغير حساب.
- إن الأفكار والوسائل المبتكرة والجديدة لن تعمل ولن تنتج إلا إذا حملها صاحبها وخاض بها غمار الميدان ، فلا تجعل أفكارك حبيسة الأوراق ولكن احملها وانزل بها إلى ميدان العمل ولا تجلس في مقاعد المتفرجين ولا تكن مع القاعدين ولا تترك الميدان أبدا.
- إن تكاثر قوى الشر وتعاظم أهل الباطل وإقبال الكفر وإدبار الإسلام كل هذه الأمور لا تثنينا عن العمل والبذل والعطاء ، ولا تضع في نفوسنا القنوط واليأس وذلك لعلمنا أن نور الإسلام سيسطع قريبا إن شاء الله .
- إن الجهود التي نبذلها في طريق الإصلاح والتجديد هي جهود مثمرة بإذن الله ولو بعد حين فلا داعي أبدا للخوف من العقبات ولا داعي أبدا لليأس ولنتحلى بسلاح الصبر وليكن شعارنا دائما الأمل في مستقبل أفضل بإذن الله .
- إن المجدد يعيش هم أمته ولهذا فهو يصل الليل بالنهار لينقذ الأمة ويعيد لها ثقتها ويردها إلى المنهج الصحيح ، صابرا على العقبات مغالبا للمشقات حتى يصل بإذن الله إلى رفعة الأمة وإعادة المجد لها.
- ذهب العلماء إلى أن من يقوم بالتجديد في زمان ما ربما يكون فردا واحدا أو جماعة من الناس وقالوا أنه يجوز أن يكونوا في فروع مختلفة من العلوم أو الفنون وذلك حتى يعم النفع على الأمة ويجوز أيضا اجتماعهم في قطر واحد أو أن يكونوا متفرقين في الأرض.
- يجب على المجدد أن يتصف بالصدق والأمانة والإنصاف وتحري الحق وأن يتمثل الإسلام في واقع حياته لأن الناس سوف يجعلونه محل قدوة لهم.
- إن المجدد يعلم جيدا قيمة الوقت وأن الوقت هو أغلى مورد وذلك لأن الوقت لا يتجدد ولا يتوقف بل ولا يرجع إلى الوراء فعلى المجدد أن يحسن تخطيط وقته ولا يضيع كثيرا من وقته في الجدل أو الأشياء التي تعطله عن فكره بل لابد أن يكون عمليا دائما.
- أن يربي المجدد نفسه على التنظيم والتخطيط الدائم سواء في أمور حياته الشخصية أو حياته العملية ، ولنعلم جميعا أنه لم يعد هناك مكان للفوضويين وأن الذين لا يحسنون التخطيط والتنظيم لا يمكن أن يصلوا إلى قيادة العالم ولا حتى قيادة قرية صغيرة.
- إن المجدد لابد أن يكون بعيدا عن سفاسف الأمور وأن يعود نفسه أن يكون دائما في القمة سواء في العبادات أو المعاملات وأن يكون مثالا حسنا لما يحمل من أفكار وأن يعلم من حوله هذه المبادئ .
- على المجدد دائما أن يحسن توظيف المواهب والحواس التي وهبها الله عز وجل له ، وعلى رأسها العقل فموهبة التفكير والتحليل واستخراج الأفكار والرؤى الجديدة موهبة عظيمة وشرف لكل من يحملها وهي موهبة ترفع من شأن صاحبها ، فعلى المجدد دائما استغلال هذه الموهبة في رفعة شأن الأمة وعليه دائما أن ينمي هذه الموهبة بالدورات العلمية الضرورية وكذلك عليه أن يعلم أن هذه المواهب محدودة بمعنى أنه من الممكن فقدها في أي وقت فليعجل باستخدامها ويكون أكثر إنتاجية في الاتجاه الصحيح ولا يعطل هذه المواهب أبدا.
- على المجدد أن يقرأ دائما عن سنن الله في الحياه وأن النصر لا يأتي مع الكسل أو مع النوم وأن العمل فقط هو طريق التقدم والرقي وجني الثمرات ، ولنعلم جميعا أن سنن الله لا تحابي أحدا وأننا ليس عندنا من الله إذن بخرق سننه فالماء عندنا يغرق الذي ينزل فيه ولكن موسى عليه السلام لم يغرق لأنه كان عنده إذن من الله والنار عندنا تحرق ولكنها لم تحرق إبراهيم لأنه كان عنده إذن من الله وهكذا ، لابد أن نعلم سنن الله في خلقه ونعيش واقعنا ولا نخرج عن هذه السنن أبدا.
- على المجدد أن يكون قلبه حيا وعقله يقظا ، أي يكون قلبه حيا بذكر الله الدائم وعقله يقظا بالتفكر الدائم في خلق الله وشئون الأمة ولنعلم جميعا أن ( في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته وفيه قلق لا يسكنه إلا الفرار إليه وفيه فاقة لا يسده إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا) من كلام ابن القيم .
- على المجدد أن يعلم أن المشكلات التي تواجهه هي فرص جديدة لإثبات حسن تفكيره والمشكلة فرصه لا تضيع لإعادة التفكير وإعادة صياغة الأمور في شكل أفضل ولنعلم أنه لا مكان لليأس عندنا فالتفاؤل والنظرة الإيجابية للمستقبل هو خلق دائم عندنا.
- على المجدد أن تكون أهدافه واضحة في كل شيء ، فهدفه في الحياة واضح وهدفه في دراسته واضح وهدفه من قراءاته واضح وهكذا لا يعمل شيء بدون هدف أو توجه وإلا يكون الفشل الدائم ، فعدم وضوح الأهداف صفة قبيحة وهي ليست من صفات المجددين .
- على المجدد أن يتصف بالمغامرة والإقدام في الفكر والعمل والعاطفة ولا يكون مقلدا لغيره إلا في خير وأن يكون بعيدا عن التردد والاضطراب فهي ليست من صفات المجدد وان يكون جريئا في الحق وأن يحسن عرض فكرته حتى يتبناها الآخرون.
- على المجدد أن يكون مرنا في تفكيره وفي سلوكه ( فيما لا يخرج عن مبادي الشرع) وأن يتأقلم مع المستجدات وذلك من خلال إعادة تقليب الأمور ومحاولة دراسة الفكرة من وجهات نظر مختلفة ومن زوايا أخرى غير التي يراها وأن يكون منفتح الذهن لأنه بذلك يضع أمامه احتمالات كثيرة ومفيدة للأفكار التي يتبناها وذلك يتيح دائما فرصا أكبر للوصول للأهداف ، فتعدد الآراء يثري العمل وهذا يلزمه مرونه واسعه ، ولننظر إلى موقف الرسول صلى الله عليه وسلم في بدر أو في الخندق .
في الحقيقة إن موضوع التجديد موضوع مهم جدا وضروري لهذه المرحلة التي نعيشها وتعيشها الأمة والكلام فيه مشوق وكثير وقد حاولت أن أطرح في هذه المقالات بعض الأفكار في موضوع التجديد ولكن الباب مفتوح لكل صاحب فكر أو رأي ليدلي فيه بدلوه والأمة في أمس الحاجة لأفكار ورؤى جديدة فقد قلنا أننا نمتلك مقومات التقدم والرقي وأن تاريخنا مليئ بالمجددين وأن حاضرنا أيضا به من المبشرات والإضاءات الكثيرة التي لا ينكرها إلا جاهل أو حاقد ولكن كل ما نريده هو إعادة صياغة طريقة التفكير التي نفكر بها وألا يشغلنا حبنا لأصحاب السبق أن ننقد أفكارهم وأن نأتي بأفكار جديدة تصلح للعصر وتصلح للنقلة الحضارية التي تنتظرنا قريبا بإذن الله ، أرجو من إخواني الذين قرأوا هذه المقالات أن يغفروا لي ذلاتي وأرجو منهم ألا يبخلوا علي بالنصح وأرجو من الله القبول والمغفرة.

ليست هناك تعليقات: