الثلاثاء، ٢٤ مارس ٢٠٠٩

أجب عن عشرة أسئلة تصبح صاحب مشروع

حالة من اليأس والإحباط تسببها أخبار التسريح شبه اليومية التي تطل علينا منذ بدأت الأزمة المالية، ويوما بعد يوم تزداد الصورة قتامه أمام الآلاف من الشباب المتدفق لسوق العمل سنويا، إلا أن البعض لم يستسلم لتلك المثبطات وحركت الأزمة داخله مارد المغامرة والرغبة في الاستقلال بعمل خاص يكون هو مبتكره ومديره.
فهل تكفي هذه الرغبة لتتخذ قرار إنشاء مشروع مستقل ناجح؟ في رأي كيلي سبورز الصحفية بجريدة وول إستريت جورنال لا تكفي الرغبة لتكون الأساس الذي تبني عليه عملك الخاص، ورصدت كيلي في تقرير لها منشور تحت عنوان"
So, You Want to Be an Entrepreneur " بتاريخ 24 فبراير 2008،عشرة أسئلة أساسية تعتبر الإجابة عليهم هي المحدد والمؤشر الذي يمكنك من خلاله معرفة صلاحيتك للقيام بمشروع خاص من عدمه.
ففي الوقت الذي يعتبر الكثيرون أن العمل الخاص هو الوسيلة المناسبة للحصول على الثروة، والقيام بشيء ما تحبه بعيدا عن سلطة شخص آخر كمديرك مثلا، يراه آخرون مقامرة مالية ضخمة؛ حيث يكتشفون بعد فوات الأوان أنه لم يكن خيارهم المناسب؛ لذلك حاول الإجابة على العشرة أسئلة التالية قبل اتخاذ مثل هذا القرار:
1- هل أنت مستعد لتحمل المخاطر المالية الكبيرة؟
خصوصا أن ما يقرب من نصف المشروعات التي تبدأ تنتهي في غضون خمس سنوات، وتعد الواقعية في تحمل المخاطر المالية شرطا أساسيا لمن يرغب في القيام بمشروع خاص مهما بلغت كمية الفاقد من الثروة.
فهناك علاقة طردية بين حجم الخسارة المالية المتوقعة عند بداية أي مشروع خاص، وما سوف تحصل عليه فيما بعد، تماما مثلما يحدث في حالة خسارة الكثير من الأموال للحصول صوت في "مجلس الشيوخ الأمريكي".
فعلى من يريد أن يكون صاحب مشروع أن يعرف أنه إذا فقد رأسماله، فإن ذلك لا يعني بالضرورة خسارة وضعه المالي، أو بمعنى آخر تحدث عنه سكوت شين خبير علاقات العمل والأستاذ بجامعة Case Western Reserve في كليفلاند، وهو أن عليك أن تقبل بمغامرة قد تؤدي بك للإفلاس، فحسب شين حتى رأس المال الذي تبدأ به المشروع ربما يكون رأس مال مغامر، فـ 10% من المشروعات قامت على أساس رأس المال المغامر من خلال ممولين، أو قروض مجمعة من أصدقاء أو من العائلة، ولم يعتبر شين في ذلك مشكلة حتى في الأوقات الاقتصادية الجيدة.
2-هل أنت على استعداد للتضحية بنمط حياتك لعدة سنوات؟
إذا كنت ممن يحصلون على مخصصات مالية إضافية لمرتبك كميزة الإجازات مدفوعة الأجر، أو التأمين الصحي ربما تفاجأ مفاجأة غير سارة، وهي أنك قد تعمل لمدة 60 ساعة أو أكثر في الأسبوع، وقد يصل بك الحال إلى أن تحرم من العودة لمنزلك، كما أنك ستحرم نفسك من تقاضي راتب معقول في السنوات الأولى من بداية مشروعك، وستتخلى عن إجازاتك، حتى يبدأ مشروعك، ويكون له وجود، وهو ما يستغرق ثماني سنوات أو أكثر، وفق تقدير ويليم بيجرف الأستاذ الفخري في إنشاء وتنظيم المشاريع بكلية للإعلام بجامعة Wellesley.
وحتى لو أردت أن تستجم بعيدًا، فسيكون ذلك صعبًا؛ لأنك ستجد من يتصل بك، سواء من موظفيك أو عملائك، وسيكون عليك أن تصطحب معك هاتفك وجهازك المحمول كما يحرص رجال الأعمال دائمًا.
وتحكي السيدة والزير عن معاناتها عند بداية مشروعها؛ حيث لم تتقاض أي أجر لنفسها حتى السنة الثالثة من تأسيس المشروع، وبعدها تقاضت أجرا بسيطا، على الرغم من إمكانية حصولها على أجر أكبر، ولكنها فضلت أن تبقي الأموال لمشروعها؛ ليكون في وضع مالي أفضل.
وعلى الرغم مما يمثله عدم وجود دخل لمدة سنتين لوالزير البالغة من العمر تسعة وعشرين عاما من تقشف في الحياة، إلا أنها الآن تضاعفت ميزانية مشروعها، ووصل دخلها السنوي إلى أكثر من 2 مليون دولار.
3- على من سيجني عملك الخاص؟
لا تتجاهل الوقت المستغرق في إدارة عملك الخاص وتأثيره على أحبائك، فكثيرا ما تسببت المشاريع الخاصة في إفشال بعض الزيجات، أما الحالات الأخرى التي لم تفشل فإن بها الكثير من التوتر؛ وذلك لأن أصحاب المشاريع يكرسون الكثير من الوقت والمال لإعمالهم.
ويستعجب فيشبيك نائب رئيس المشاريع في مؤسسة إوينج " Ewing Marion Kauffman Foundation" من الأزواج الذين يبدءون عملهم الخاص دون أن يبلغوا زوجاتهم، وينصح من يريد أن يكون صاحب مشروع أن يتحدث مع زوجته وأسرته عن تأثير عمله الخاص على حياته المنزلية، والتغيرات التي ستحدث في جداول المهام اليومية، ومدى التوتر الذي تشعر به من جراء هذه المخاطرة المالية، وعليهم أيضا أن يتفهموا ذلك, وأن يشعروا أنهم يحققون معك حلمك.
4- هل تستطيع إدارة عملك الخاص من كافة الأوجه؟

في المراحل الأولى من الأعمال التجارية غالبا ما يقوم المؤسسون بالتعامل مع كل شيء بداية من الفواتير للعملاء، وتوظيف الموظفين حتى كتابة مواد التسويق، فبعض أصحاب المشاريع الجديدة يقضون معظم وقتهم في الإدارة؛ حيث تقول دونا اتنسون نائبة رئيس رابطة مراكز تنمية الأعمال التجارية الصغيرة "عليه أن يفكر في كل الأمور التي لم يفكر فيها من قبل" كناية عما يقوم به صاحب المشروع في البداية.
ويحكي جيرومي ستولينجز (33 عاما) مؤسس شركة Ninthlink Inc بسان ديجو، ومؤسس شركة للتسويق التفاعلي عن حماسته الشديدة عند بداية المشروع، والتي سرعان ما خفتت عندما بدأت وكالته في عام 2003 في تعيين اثنين من الموظفين؛ حيث أدرك حينها أنه لم يكن على استعداد للتحديات اليومية لإدارة الآخرين.
ومن فرط حماسته وحبه للمشروع توقع ستولينجز أن تنتقل هذه الروح لموظفيه تلقائيا، ليقوموا بوظائفهم ويشعروا بنفس ما يشعر هو به عند قيامه بأي جهد للمشروع، لكنه فوجئ بشكاوى كثيرة من بعض العملاء، يشكون فيها موظفيه لعدم حرصهم على العمل، وتأخيرهم في تسليم المشروعات في الموعد المقرر، كما أنهم تعجبوا من المفارقة الشديدة بينه وبين موظفيه فهو حريص على العمل بشكل كبير، ويمتلك من المهارات الكثير، لذلك نصحوه أن يغير أسلوب إداراته لهم.
5- هل أنت مستعد لاتخاذ القرارات بشكل فوري دون الاسترشاد بأي دليل؟
في بداية أي عمل خاص، يكون عليك اتخاذ عدد كبير من القرارات دون أي توجيه، فهل أنت مستعد لاتخاذ مثل هذه القرارات دون أن تستشير أحدًا.
يرى الكاتب بيل واجنر مؤلف كتاب "رجال الأعمال خلف الأبواب"، والذي حدد فيه خصائص أصحاب المشروعات الناجحة، أنه لا أحد يمكن أن يقول لك كيف تكون ناجحا؟ كما لا يوجد هيكل محدد للدخول في مشروع تجاري بناء على الدراسة التي أجراها على عينة بها أكثر من 10000 رجل أعمال؛ لمعرفة ما الذي يميز المشروعات ذات النجاح الكبير عن غيرها ذات النجاح الأقل.
وفي مقابلته لمعظم أصحاب المشاريع الناجحة، توصل إلى أن أكثرهم من ذوي القدرة على اتخاذ القرارات الفورية، غير أنها ليست قاعدة ألا يصلح من هم أقل قدرة على اتخاذ القرار بهذا الشكل للدور القيادي، فقط يتعين عليهم بذل الكثير من الجهد في ذلك.
6- ما هو مدى سرعتك في تنفيذ أفكارك؟
تعتبر القدرة على تنفيذ الأفكار واحدة من أكبر الاختلافات بين أصحاب المشاريع الناجحة وغيرها؛ حيث يشير البروفسور بيجرف من كلية Babson College إلى أنه لا يعني امتلاكك لفكرة رائعة، أن مشروعك ناجح؛ لأن هذا يتطلب مزيجا من حملات الإقناع، ومهارات القيادة والحدس، فهم فعلا القادرون على تحويل فكرتك إلى تجارة مربحة.
لذا عليك النظر لماضيك بموضوعية لمعرفة إذا ما كنت توليت أدورا قيادية، أو أنشأت مشروعا خاصا بك، أو أي شيء يرجح أن لديك قدرة جيدة على تنفيذ الأفكار، وتستطيع أن تحدد ذلك مبكرًا، فقد تكون متمتعا بهذه الصفة من الصغر، ويقول بيجرف "الكثير من أصحاب المشاريع الناجحة بدأت أفكار شركاتهم عندما كانوا أطفالا".
7- إلى أي مدى أنت مقنع وتملك حسن التعبير؟

فإذا كنت لا تعتقد أنك مقنع أو لديك صعوبة في توصيل أفكارك للآخرين، قد يكون عليك إعادة النظر في بدء مشروع خاص بك من عدمه، أو عليك التفكير في الحصول على بعض المساعدة تفاديا لهذه المشكلة.
يحكي براد برايس الذي كان شريكا بشركة بالتيمور للمحاماة عام 2007، وكان يتقاضى مقابلا يصل إلى 135000 دولار سنويا لوظيفته هذه عن تجربته؛ حيث استقال من وظيفته لينشئ مشروعه الخاص، لشعوره بأنه شخص قادر على القيادة، ولديه من الفعالية الشخصية ما يمكنه من إنشاء مشروعه الخاص، لكنه اكتشف بعد ذلك أن لديه مشكلة في المبادرة بالتواصل والعرض لخدمات شركته.
ويعبر عن هذه الحالة بقوله "هناك فرق كبير بين انتظارك أن يرن الهاتف، وأن تقوم أنت بالاتصال أولا، هكذا أوضح برايس الفرق بين عمله السابق وعمله الحالي كصاحب مشروع. ولحل هذا الموضوع فوض برايس زوجته في إدارة التسويق، وتكوين الشبكات؛ حيث إنها تجيد -على حد قوله- عمل ذلك، وبهذا خرج من مأزقه.
8- هل تملك فكرة أنت متحمس لتحقيقها من خلال مشروعك؟

لو لم تملك الحيوية الكافية لتستيقظ من نومك، وتقفز خارج فراشك مباشرة لتصل لعملك سريعًا، وإن لم تملك خطة فعالة لتمضية وقتك، فسيكون صعبا عليك إدارة عملك الخاص.
فسؤال لماذا تريد أن تقوم بعمل خاص؟ هو أول ما تسأل عنه "تنسون" رئيسة رابطة تنمية المشروعات الصغيرة من يريد أن يقوم بعمل خاص؛ حيث تقول إذا كنت تقوم به رغبة في جمع الكثير من المال، أو لأنك تعبت من العمل لحساب شخص آخر، فتنصحك تنسون بأن تتجنب العمل الحر تماما إذا كان لمثل هذه الأهداف فقط.
وتضيف "إذا ما كنت تكره القيام بالأعمال الورقية، فآخر ما يمكن أن تفعله هو أن تصبح أمين مكتبة، وتؤكد أنه على من يرغب في القيام بعمل خاص أن يكون حكيما في اختيار النشاط الذي تقوم فيه بمشروعك، وعليك أن تكون على دراية كافية بهذا المجال؛ لأنه سيكون من الصعب أن تنجح إذا كنت تعرف القليل عن مجال تخصص مشروعك.
9- هل لديك روح المبادرة؟

يواجه الكثير من أصحاب المشاريع بالكثير من مشاعر الإحباط تجاه أفكارهم، ويقابلون دائما معارضة لما يقومون به، وهو ما يستلزم قوة الإرادة والتفاؤل دائما للتغلب على مثل هذه العقبات.
وقد توصل جون غارتنر أستاذ الطب النفسي بجامعة Johns Hopkins ومؤلف كتاب "hypomaniac edge"، لنظرية مفادها أن العديد من أصحاب المشاريع المعروفة لديهم حالة ذهنية ونفسية خاصة، أهم ملامحها أنهم غاية في الإبداع والنشاط والمثابرة، وهي ميزات تساعدهم على الاستمرار حتى لو فقد الآخرون الإيمان بما يفعلون.
وتعتبر المخاطرة الفائقة من أشهر الأفعال المرتبطة بالثقة العالية لدى هؤلاء الأشخاص، فهم لا يخطر الفشل بذهنهم، بل ولو حدث لهم فشل بالفعل فإنهم سرعان ما يتداركونه، وليس شرطا أن تنساق بشدة وراء مثل هذه النماذج كي تحقق النجاح، لكن الأشخاص الذين يحبطون ويردعون بسهولة لن يستمروا طويلا في إدارة عمل خاص.
10- هل لديك شريك تجاري؟

إذا لم يكن لديك كل الإمكانيات التي تساعدك في إدارة عملك فإنها ليست مشكلة ميئوسا من حلها، فعليك فقط العثور على الشريك التجاري المناسب لك ليعوض أوجه القصور الخاصة بك، ولكن لا بد أن يتوافر له نفس القدر من الحماسة للعمل والالتزام بالقواعد الأخلاقية التي تؤمن بها أنت، وتأكد من أنه إذا توافر به ذلك ستزداد احتمالات نجاح مشروعك وتقل المخاطر.
وقد أشار ديفيد غيج العضو المؤسس لرابطة BMC إلى أن المشروعات التي يديرها الشركاء محتمل أن تحقق نجاحا ونموا أكثر من نظيراتها التي بدأها أصحابها منفردين، وذلك من خلال دراسة أجرها الباحثون على عينة قوامها 2000 رجل أعمال.
ويضيف ديفيد أن كلمة السر لاختيار الشريك، هي قدرته على التعامل مع الجوانب المختلفة التي لا تتعامل معها أنت؛ لأن كلا منكما مكمل للآخر، فشخص ما يحب المجازفة، ويحب أن يكون في بؤرة الضوء، عليه أن يختار شريكا يفضل العمل في مؤخرة الصف।واختيار الشريك ليس أمرًا سهلاً؛ لأنه في ضوء هذا القرار، يتحدد عدد من الأشياء، فكثير من الشراكات تفشل لوجود انشقاقات ونزاعات حول المال أو سوء الأخلاق، لذلك يوصى الشركاء بضرورة قضاء بضعة أيام يصوغان فيها معا تفاصيل الأعمال، وكيفية ترتيب العمل لمعرفة ما إذا كانا لا يزالان متوافقين أم لا؟.
نقلا عن اسلام اون لاين - ترجمة وتحرير وفاء محسن

الأحد، ٨ مارس ٢٠٠٩

المستقبل وشباب الأمة ..

منذ فترة طويلة وأنا أسأل نفسي سؤالا أصابني بالأرق الدائم وهذا السؤال هو : ماذا نريد من المجتمع حولنا بالضبط ؟ هل نريد منه أن يحمل هم هذا الدين وهم هذه الأمة كما نحمله نحن ؟ أم نريده أن يكون مجتمعا متدينا فقط وبعد أن يفهم دينه سوف يتحول بطبيعة الحال إلى مجتمع إيجابي يحمل الفكرة الإسلامية ويرقى بها إلى مصاف المجتمعات الراقية؟
كنت أجلس في أحد الأماكن العامة وكان حولي هرج ومرج وأصوات شباب لم تعجبني تصرفاتهم وجلست أفكر ماذا أفعل مع هؤلاء واستطعت أن أخلو بعدد منهم وسألتهم سؤالا واضحا : لو جاء إلينا الآن رجل من الذين يعملوا ضد هذه الأمة ترى هل سيكون سعيدا ؟ فأجابوا جميعا بالإيجاب . وسألتهم مرة أخرى : لماذا تعملون على إسعاد أعداء الأمة ؟ فقالوا : لعلها فترة ثم نفيق . فرد أحدهم وقال لا لن تكون فترة فالغالب على الشباب في هذه الأيام هو التفاهة والجري وراء شهواته وكذلك إتباع الفتن في كل مكان وأخذ آخر الحديث وقال : لا إن الشباب فقد التفكير فهو لا يفكر إلا في نفسه ووقته فقط فهو أصبح لا يعرف كلمة المستقبل أصلا حتى يبحث عنها فالكل يعلم أنه يتعلم لكي يحمل شهادة فقط ثم يضاف بعد ذلك إلى أرقام العاطلين. فقلت لهم هل تتصورا أنه من الممكن أن تقوم بلد ما على أكتافكم أو أن ينتصر جيش ما أنتم جنوده أو تتفوق أمة ما أنتم مستقبلها ؟ فصمتوا خجلا وقالوا من فضلك ادع لنا . نسيت أن أقول أن جميع الثلاثة طلاب في جامعة الأزهر .
هذا يحملنا مسئولية كبيرة عن شباب الأمة الذي استطاع أعداء الداخل والخارج أن يفسدوه بل ويجعلوه مفسدا. فلقد حملوه من الهموم والأمراض ما لا يستطيع حمله فو الله إني مشفق جدا على الأجيال القادمة ولا أدري هل من حلول جاهزة موجودة لدى أي جهة لإنقاذ هؤلاء الشباب أم أن المسكنات هي الحل الجاهز كما اعتادت حكوماتنا الرشيدة المتعاقبة . إننا مطالبون جميعا أن نبذل كل ما لدينا لإنقاذ هؤلاء لأنهم إذا بقوا على هذا المستوى فلن يكون لدولنا ولا لأمتنا مستقبل يذكر .
لقد تنقلت كثيرا بين الدول العربية ويكاد يكون الحال واحدا بين دولنا جميعا فالنظام التعليمي يحتاج إلى تغيير شامل والنظام الوظيفي يحتاج إلى تغيير أيضا وقوانين الاستثمار لا تخدم الشباب بل تعمل في صالح فئات معينة تريد أن تزداد ثراء .
ويبقى الأمل فيمن يحملون راية الحق ويتحركون بها فشباب الأمة أمانة يجب ألا نضيعها وشباب الأمة فيه من الخير الكثير ولكن فقط يجب أن نحسن التعامل معهم ولذلك لابد أن نحسن بناء أنفسنا فلابد أن نمثل المسلم الحضاري الذي يحمل كل الخير ويحمل الروح الإبداعية العالية وأن نكون على قدر كبير من المعرفة وأن نجيد صناعة جسور التواصل مع الأجيال الجديدة .
إن الشاب لا يريد منك أن تجلس منه مجلس الأستاذ لتنصحه وتملي عليه أفكارك ، بل يريد منك أن تكون صديقه تعيش عصره وتفهم العصر كما يفهمه هو ، فعلينا أن نقتحم عوالم هؤلاء الشباب ولا نتركهم فريسة للشرق والغرب فكثير منهم أصبح لا يعرف شيئا عن دينه ولا أمته بل وكثير منهم لم يعد يعرف شيئا عن نبيه صلى اله عليه وسلم . فعلى كل منا في مكان عمله أو في مسكنه أو في عائلته أن لا يضيع أي وقت إذا وجد حوله شباب ، عليه أن يتحدث معهم ويتركهم يتحدثون حتى يعبروا عن أنفسهم وعليه أن يوجه فقط للصواب ، علينا أن نستمع لهم فغيرنا صنع مواقع الدردشة على الشبكة العنكبوتية حتى يصنع مجتمع افتراضي لهؤلاء الشباب ونحن نعرف جميعا نتيجة هذه الدردشة والمستوى المتدني من الأحاديث التي تدور فيها .
ونداءا أوجهه لمن بيده الأمر في بلادنا : الشباب هم أمل المستقبل فإذا فقدناه فقدنا مستقبلنا كما فقدنا حاضرنا ولن يكون مستغربا في المستقبل أن يحصد الصهاينة ما يخططوا له . فيا من بيدكم القرار في بلادنا أنقذوا شباب الأمة بخطط قصيرة وطويلة والمدى قبل فوات الأوان .

أبو هريرة الصحابي الجليل

عفا الله عن رجال يتكلمون في أبي هريرة رضي الله عنه وارضاه وعن روايته للحديث فهم يغمزون ويلمزون ويتكلمون عن كثرة روايته، مع انه صحابي جليل شهد له رسول الله ص بالصدق، ودعا له، وكان رجلا قد هاجر الى الله ورسوله وكان من الزم الصحابة له وكان يدور معه حيث دار حرصا على الحديث وروايته، ويأخذ عنه ويروي عنه بكل أمانة وصدق।والحديث عن صحابة رسول الله ص (ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه) لا بد ان يكون بأدب وعلى علم واسس صحيحة لا يخدش صحابيا ولا يغمز بأحد منهم، لأن النبي ص حذرنا من ذلك عندما قال: «الله الله في اصحابي، فلو انفق احدكم مثل احد ذهبا ما بلغ مد حدهم ولا نصيفه» وقد لاحظت بكل أسف ان هناك احاديث تدور عن روايته للحديث وكثرتها ولو ردها هؤلاء الى علماء الحديث ورجاله لعلموا الحقيقة وعرفوا صدق الصحابة وأمانتهم في الرواية، لأنهم تربوا على يد رسول الله ص وسمعوا منه، واخذوا عنه، وتعلموا منه أهمية الصدق، وقد حذرهم من الكذب عليه حين قال: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».وعلينا ان نعلم ان أبا هريرة صحابي جليل، صحب رسول الله ص، وكان قريبا منه، وقد احبه رسول الله ص، ودعا له بالحفظ، وكان رضي الله عنه زاهدا في الدنيا، ومن أهل الصفة، وكان حريصا على سماع الحديث من النبي ص، وكثيرا ما كان يتحمل آلام الجوع حتى لا يفوته شيء من الحديث النبوي الشريف.وقد صحب النبي ص وحفظ الكثير من احاديثه، وآتاه الله قلبا واعيا، وحفظا دقيقا، وعرف بالصدق والايمان والتقوى، والمروءة، والاخلاق، ولهذا فإنه أمر مؤسف ان نلاحظ بين وقت وآخر تهجم بعض المستشرقين، فقد حذا بعض من لا علم له بالحديث حذو هؤلاء المستشرقين، وصدقوا أقوالهم في الطعن في الصحابة الكرام، والطعن في الحديث الشريف، والتشكيك في روايته، وكثير من هؤلاء الطاعنين من المسلمين الذين لم يدرسوا حياة هذا الصحابي الجليل دراسة صحيحة، ولم يعرفوا حقائق ناصعة عن روايته ودقته، ولهذا فقد أخذوا بكل أسف يغمزون ويلمزون، وهذا أمر خطير لأن رسول الله ص قال: «من آذى اصحابي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله... الحديث» ومن هنا فإننا نلاحظ ان بعض هؤلاء الطاعنين قد اسرفوا على أنفسهم وعمدوا الى اتهام أبي هريرة رضي الله عنه بالاكثار في رواية الحديث النبوي، وانه قد روى الآلاف من الاحاديث عن رسول الله ص، واتهامه بأنه اسرف في الحديث، وهذا أمر غير صحيح، بل هو تزوير وتدليس على هذا الصحابي الجليل الذي خدم الحديث النبوي وأخلص في روايته، وانقطع له، وصحب رسول الله ص، وكان يتحمل ألم الجوع حتى لا يفوته شيء من حديث رسول الله ص، وقد اخرج البخاري عنه انه قال: «والله الذي لا اله الا هو ان كنت لاعتمد على الأرض بكبدي من الجوع، وأشد الحجر على بطني».لقد كان رضي الله عنه حريصا على العلم، وشهد له النبي ص، فقد روى ابن كثير في البداية والنهاية ان النبي ص قال له: «الا تسألني من هذه الغنائم التي سألني أصحابك؟»: فقلت له اسألك ان تعلمني مما علمك الله.وكان كثير الحفظ لا ينسى، فقد دعا الله فقال: اللهم اني اسألك علما لا ينسى وقد أمن الرسول ص على دعائه. وروى البخاري ومسلم، قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله اني لأسمع منك حديثا كثيرا أنساه. قال ص: «ابسط رداءك» فبسطته، ثم قال: ضمه الى صدرك» فضممته، فما نسيت شيئا بعد ذلك.«وهذه ميزة مهمة لهذا الصحابي الجليل فقد روى ابن حجر في الاصابة: أنه جاء رجل الى زيد بن ثابت رضي الله عنه فسأله، فقال له زيد: عليك بأبي هريرة، فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ندعو الله ونذكره، اذ خرج علينا رسول الله ص حتى جلس إلينا فقال: عودوا للذي كنتم فيه، قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي فجعل رسول الله ص يؤمن على دعائنا، دعا أبو هريرة فقال: اللهم إني أسألك مثل ما سأل صاحباي وأسألك علما لا ينسى، فقال رسول الله ص: آمين॥ فقال زيد وصاحبه: ونحن يا رسول الله نسأل علما لا ينسى... فقال سبقكم بها الغلام الدوسي. (يعني أبا هريرة). فأبو هريرة إذن محفوف بالعناية الإلهية، والدعوات النبوية، فإذا أضفنا الى ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة في الدلالة على حبه لرسول الله ص، وحرصه على نوال شفاعته الخاصة التي لا ينالها إلا الذين سبقت لهم الحسنى من الله فكانوا أسعد الناس بهذه الشفاعة، وهم الذين تكون شفاعته ص بهم شفاعة تشريف وتكريم وعلو درجات، وقرب من رسول الله ص، وليست شفاعة من ذنوب أو شفاعة من كبيرة أو كبائر وقد كان جواب النبي ص شهادة عظيمة منه لأبي هريرة رضي الله عنه.والسبب في اكثاره من الحديث وعدم نسيانه طول الصحبة، وملازمته لرسول الله ص وتأمين الرسول ص على دعائه ودعاء الرسول له ص. فقد روى البخاري ومسلم عن ابي هريرة انه قال: انكم تزعمون ان أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله ص والله الموعد، اني كنت امرءا مسكينا اصحب الرسول على ملء بطني.«ولو حسبنا عدد أيام صحبته للنبي ص لوجدنا أنها تبلغ أكثر من ألف وأربعمائة وستين يوما ولو قسمنا ما روي عنه من الأحاديث الشريفة على هذه الأيام وجدنا أنه يروي كل يوم ما يقارب ثلاثة أحاديث ونصفا، وفي كل مائة يوم 367 حديثا أو أنه كان يحفظ مائة حديث في كل سبعة وعشرين يوما، فهل يستغرب أن يحفظ أبو هريرة رضي الله عنه كل يوم أربعة أحاديث مع ما رأينا من قصة الكساء، وقصة الدعاء، وما رأينا من حرصه على العلم، وحرصه على حفظ الأحاديث الشريفة، ومع ما رأينا من انقطاعه لخدمة النبي ص وسماع أقواله، وزهده في الدنيا، وعيشه مع أهل الصفة، وصبره على الجوع في سبيل ذلك.وعندما قمت بنفسي بالتحقق من هذه المسألة بواسطة فريق مختص في الحاسب الآلي ظهرت لنا حقائق مهمة عن روايات أبي هريرة، فعندما تتبعنا رواياته وجدنا ان هناك ما يزيد عن ثمانمائة صحابي وتابعي رووا عنه الحديث وكلهم ثقات، لكن القضية الاساسية التي افادتنا عند استخدام الحاسب الآلي هي انه عندما ادخلت هذه الاحاديث المروية في كتب الحديث الستة وجدنا ان احاديث ابي هريرة بلغت 5374، ثم وجدنا بعد الدراسة بواسطة الكومبيوتر ان المكرر منها هو 4074 وعلى هذا يبقى العدد غير المكرر 1300 وهذا العدد تتبعناه فوجدنا ان العديد من الصحابة قد رووا نفس هذه الاحاديث من غير طريق ابي هريرة هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى وبعد ان قمنا بحذف الاحاديث التي رويت من غير طريق ابي هريرة في كتب الصحاح الستة وجدنا ان ما انفرد به ابو هريرة ولم يروه اي صحابي آخر هو اقل من عشرة احاديث.ومن هذا يظهر امانته وصدقه في رواية الحديث الشريف، ويبريء ذمته رضي الله عنه مما اتهم به، وقد ساهم في هذه الدراسة رجال خدموا سيرة ابي هريرة ومنهم محمد ضياء الدين الاعطى الذي قام بعمل دراسات دقيقة وبذل جهودا تستحق التقدير وقد ساعدني في هذا الموضوع.ثم شاء الله ان نطور العمل في احاديث ابي هريرة فانتقلنا من الكتب الستة الى الكتب التسعة وقد لاحظنا ان الاحاديث في الكتب التسعة المنسوبة الى ابي هريرة هي 8960 حديثا، منها 8510 بسند متصل و450 حديثا بسند منقطع وبعد التدقيق انتهينا الى ان الاحاديث التي رواها ابو هريرة في كل هذه الكتب التسعة بعد حذف المكرر هي 1475 حديثا، وقد اشترك في روايتها معه عدد من الصحابة. وعندما حذفت الاحاديث التي رويت عن طريق صحابة آخرين وصلنا الى حقيقة مهمة وهي ان ما اتى به ابو هريرة مع المكررات في كتب الحديث التسعة هي 253 حديثا، ثم ان الاحاديث التي انفرد بها ابو هريرة بدون تكرار ولم يروها احد غيره في الكتب التسعة هي 42 حديثا، وما زلنا نواصل البحث، لكن هذه الامور وهذه الحقائق ازالت كل تلك الشبه والتهم العقيمة والمغرضة التي كانت تلصق بأبي هريرة ويتهمونه فيها بالاكثار ويقولون عنه رضي الله عنه انه روى 8000 حديث بمفرده.. وبعضهم يقول انه روى 5000 حديث بمفرده.. هكذا دون روية او تدقيق او تمحيص.ولذا فاني استغرب من الذين يطعنون في هذا الصحابي الجليل كيف يطعن بمن وثقه النبي ص وشهد له بالحرص على الحديث، ووثقه صحابة النبي ص، وقال طلحة بن عبيد الله «أحد العشرة المبشرين بالجنة والملقب: طلحة الخير»: لا اشك بان ابا هريرة سمع من رسول الله ص ما لم نسمع، ولا نجد أحدا فيه خير يقول على رسول الله ص ما لم يقل.وشهد له عبد الله بن عمر فيقول: يا أبا هريرة أنت كنت ألزمنا لرسول الله ص واحفظنا لحديثه. وحذيفة ابن اليمان يوثقه ويزكيه وينقل تزكية ابن عمر له وقال رجل لابن عمر: ان ابا هريرة يكثر الحديث. فقال ابن عمر: أعيذك بالله ان تكون في شك مما يجيء به، لكنه اجترأ وجبنا.واعتمده ابو بكر رضي الله عنه بتبليغ الحديث لما كان أميرا على الحج: ان لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ووثقه كثير من الصحابة ورووا عنه وكثير من التابعين رووا عنه كذلك حتى قال البخاري: روى عنه الثمانمائة من كبار اهل العلم من الصحابة والتابعين وكان احفظ من روى الحديث في عصره.ولا بد ان نعلم انه رضي الله عنه قد حرص على تدوين الحديث وكتابته في آخر ايامه وكان يرجع اليه كلما سأله سائل، وقد روى الحاكم والامام احمد ما يدل ان الحديث كان مكتوبا عند ابي هريرة قال ابن حجر: لا يلزم من وجود الحديث مكتوبا عنده ان يكون بخطه فقد ثبت انه لم يكتب فتعين ان يكون المكتوب عنده بخط غيره، وكان يرجع في آخر ايامه الى ما كتب من الحديث.وقال الشافعي عنه: ابو هريرة احفظ من روى الحديث في عصره، ومن هنا فاني احذر الذين يطعنون في هذا الصحابي بأن الطعن بأبي هريرة طعن بالنبي ص الذي وثقه، وطعن بكبار الصحابة والتابعين الذين رووا عنه ووثقوه، وتطاول على السنة الشريفة.وقد حرص بعض اعداء الاسلام من الذين اثاروا الشبهة حول كثرة روايات ابي هريرة بقصد الطعن في رواية الحديث وكان هدفهم التشكيك في السنة النبوية الشريفة والتشكيك في الاسلام، فالذي يطعن بأبي هريرة يطعن بثمانمائة من الصحابة وكبار العلماء من التابعين، والامر اكبر من ذلك بكثير عند اهل العلم، لانه يستهدف السنة النبوية.وقد بين الامام القرطبي رضي الله عنه ان الطاعن في رواية هذا الصحابي طاعن في الدين خارج عن الشريعة مبطل للقرآن، بل قال بعض السلف: اجلال ابي هريرة اجلال للنبي ص، واتهام ابي هريرة فيما يرويه عنه زدراء على رسول الله ص وعلى ما جاء به.وختاما فاني اضع هذه المعلومات بين يدي القاريء الكريم حتى يتبين له الحق، ويعلم خطأ الذين يتهمون هذا الصحابي الذي صدقه رسول الله ص، وقربه وصحبه ودعا له، ولو لم يعلم فيه خيرا لما فعل كل ذلك.والقضية ليست قضية عاطفة وانما حقائق نضعها امام القارىء ولا املك الا ان اقول اتقوا الله في صحابة رسول الله ص ولا تتجرأوا ولا تتهموا ولا تلقوا القول على عواهنه بغير علم ولا هدى، فان الله عز وجل يقول: «ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا
نقلا عن المصريون للأستاذ محسن نبيل