السبت، ١٩ ديسمبر ٢٠٠٩

عام جديد ..

تمر الأيام وتنطوي السنوات ونحن كما نحن نجلس في مقاعد المتفرجين على ما يحدث لنا ولا نفكر مرة أن ننتقل إلى أماكن اللاعبين ويأتي عامنا الهجري الجديد ولا توجد بارقة أمل لتغيير حالنا السيئ الذي نعيشه إلى حال أفضل ولكن السؤال المهم والواجب : هل الواجب علينا أن نجلس نندب حظنا ونلطم خدودنا أم نرمي وراء ظهورنا مثل الوزير الراسب ، ولا أرى أننا يجب علينا أن ننسى أننا نحمل وزر ما نحن فيه ولن يتغير الحال إلا بأيدينا نحن .
من ينظر في الأحوال التي نعيشها منذ سنوات طويلة يجد أن حالنا يسير من سيء إلى أسوء سواء على مستوى الأشخاص أو على مستوى الدول فحال دولنا لا يسر أحد وأي باحث يستطيع بكل سهولة ويسر أن يثبت أننا كدول أو كأمة لا يوجد عندنا خطط قريبة أو بعيدة للخروج من النفق الحالي الذي نعيش فيه وأن أقصى أمل للشعوب العربية أن تجد ما تأكل وما تشرب ولا أحد يفكر في المستقبل القريب أو البعيد ولأننا فقدنا الرؤية الصحيحة للحاضر والمستقبل فقد نتج عن هذا الفقدان تيبس الفكر وضعف الانتماء ولا تجد من يهتم بالهم العام إلا قليل من الناس لأن الأمر أصبح مكلفا .
فيا ترى ما هو المخرج من هذا الموقف الصعب وبالرغم أنني لا أزعم أن محاولة إثارتي لهذا الأمر هو لأني أحمل حل سحري لما نحن فيه من تخلف ولكن محاولة مني لفتح جرح غائر أصابنا جميعا ، ونعود للمخرج مما نحن فيه فأرى أن مخرجنا يبدأ وينتهي عند عقدنا معاهدة صلح طويلة ومستمرة مع ما نحمله من عقائد ومفاهيم راقية ونقية وصافية وأن نعود إلى النبع الصافي الجميل الذي تركه لنا سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .
هيا بنا إخواني الأحباب نضع عنوان لهذا العام وليكن هذا العام هو عام المصالحة : المصالحة بيننا وبين الله ، المصالحة بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المصالحة مع القرآن الكريم ، المصالحة مع أهلنا ورحمنا ، المصالحة مع أحبابنا وأصدقائنا ، المصالحة مع أبنائنا ، المصالحة مع زوجاتنا ، المصالحة مع العلم ، المصالحة مع التقنيات الحديثة ، المصالحة مع النظافة ، المصالحة مع الحضارة ، المصالحة مع الرقي ، المصالحة مع جيراننا ، المصالحة مع حقائق الكون وعدم الاصطدام بها ، المصالحة مع النصر والبعد عن الهزائم ، المصالحة مع أنفسنا حتى يعود الهدوء عنوان لنا ، المصالحة مع النقاء نقاء النفس ونقاء اليد .
هل تركت شيء ؟ نعم أريد مصالحة كبرى بيننا جميعا مصالحة تجعلني أتبسم في وجه كل من ألاقيه في الشارع أو في العمل ، مصالحة تجعل الموظف يبتسم لي وهو يؤدي لي الخدمة المطلوبة ، مصالحة تجعل الأم تعود لتحنو على أطفالها وتجعل بلدنا تحنو علينا وتحتوينا ، مصالحة تجعلنا نكف عن التردي في كل شيء.
هيا بنا نستعد لهذا العمل العظيم ونبدأ عامنا بالصفح عمن أساء لنا ونبدأ عامنا بصياغة حياتنا بصورة جديدة لا يوجد فيها حقد ولا حسد ولا غل ولا ضغينة ، يتصالح الغني مع الفقير بالعطف عليه ، يتصالح الرئيس مع الشعب بإيقاف كل القوانين الظالمة التي نرضخ تحتها ، هذه القوانين التي عطلت تقدمنا كثيرا ، يتصالح الرئيس مع الشعب بعزل كتيبة المنتفعين وإعادة بلدنا إلى أصحابها الحقيقين ، يتصالح الرئيس مع الشعب بإطلاق الحريات وتفريغ المعتقلات فلا يصح أن نقابل العام الجديد ونحن نحمل كل هذا الرجس وغيرنا يقابل العام الجديد بمزيد من التقدم والرقي.
أرجو أن يجد كلامي صدى عندك أخي القارئ وأرجو أن نتقدم جميعا خطة نحو مصالحة شاملة مع أمتنا حتى نعمل على رقيها وعلى عودتها لمكانتها الطبيعية التي افتقدتها كثيرا .

الجمعة، ١١ ديسمبر ٢٠٠٩

كلمات حية


هي الغيوم

إذا ما فُرقت عقمت

وإن تلاقت

هوى من جوفها المطر

نحن الديم

نحن ابتهالات الأمم

نحن الرجاء

إذا تقاطب في ليالينا البلاء

لسنا دعاة الموت

لكننا إذا ابتلينا

نرتقي

لنخوض بحر الموت

سعيا للحياة

الاثنين، ١٦ نوفمبر ٢٠٠٩

أليس منكم رجل رشيد

بالأمس واليوم وغد وبعد غد تتكرر المشاهد أمام أعيننا ، هذه المشاهد تصف حالة وصول أمتنا العربية إلى أحط مستوى ممكن أن تصل له أمه ، فنحن نشاهد مجموعة من شباب الأمة يركلون قطعة من الجلد على مساحة من الأرض الخضراء ويحاول كل واحد منهم أن يستحوذ على قطعة الجلد المنفوخ ويودعها في شبكة وضعت في طرف المساحة الخضراء ، هذا بالضبط وصف ما نشاهده . ولكن أوهمنا المنتفعون والأفاقون هنا وهناك أن ما نشاهده هو معركة حربية تعلو في أهميتها على معركة بدر وأحد والخندق ! ولهذا تحول الأمر إلى ارتفاع حالة الاستعداد النفسي والمادي والأمني إلى أعلى المستويات .
وفي نفس الوقت توجد لدينا أشياء أهم بكثير من هذه التفاهات التي نشغل بها أنفسنا وأبنائنا ، فحالنا في جميع المجالات لا يخفى على أحد ، حالنا جميعا داخل الأمة العربية وليس حالنا في مصر فقط ، فلقد تحولنا من أمة تحمل دين واحد ولغة واحدة وهدف واحد إلى مجموعة من المعاقين لا نستطيع فعل شيء ولا نستطيع قول شيء وقيمتنا تساوي صفرا .
هذا المشهد وهذه المشاعر الملتهبة التي نعيشها هذه الأيام أصبحت تتكرر كثيرا وذلك لأن المباريات كثيرة والمسابقات كثيرة ولا تنتهي فاليوم كأس عالم وغدا كأس إفريقيا وبعد غد كأس كذا وكذا .. ولكن هل من الواجب أن تمر الأمور هكذا دون وقفة من رجل رشيد يحلل ويدرس هذا الحال الذي وصلنا إليه ويعطي النصيحة ويبدأ العمل .
إن الطاقات التي تخرج أثناء حملات الشحن لهذه المباريات طاقات هائلة تم توجيهها عمدا وقصدا إلى غير مكانها الصحيح ، فهل يوجد من يستغل هذه الطاقات ويوجهها إلى طريقها الصحيح ؟ ، وهل يوجد من يستطيع أن يعيد ترتيب عقول وأولويات أبناء هذه الأمة ، وهل يوجد من لديه المقدرة على مواجهة هذا الإعصار الهائل الذي كاد أن يدمرنا جميعا ويأتي على الأخضر واليابس .
إن الذين ذهبوا لمشاهدة المباراة الأخيرة في ملعب القاهرة الدولي فاق عددهم عدد الذين خاضوا غزوة بدر وأحد والخندق وكل غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم مجتمعة ، هذا العدد من أبناء امتنا عدد كبير كان يجب أن يجهز لمواقع أخرى غير موقعة وهمية ومعركة خاسرة سموها كرة القدم ، هذا العدد كان يجب أن يحفز ليقود معركة الرقي والتقدم والإنتاج ، هذا العدد كان يجب أن يدرب على حب بلده وتوجيه هذا الحب في الاتجاه الصحيح ، هذا العدد كان يجب أن يكون نواة لرقي حضاري وبداية لتقدم علمي بعدنا عنه كثيرا .
إن جميع الدراسات والإحصائيات تنذرنا جميعا نذير شؤم وتخبرنا أن بلدنا على حافة الهاوية أو أننا وصلنا فعلا للهاوية والواقع خير دليل فمن يتابع يجد أننا في السنوات الأخيرة ننتقل من كارثة إلى كارثة ومن مصيبة إلى أخرى والمستقبل القريب لا يوجد فيه شعاع واضح لتحسن الأحوال والأوضاع ولهذا وجب علينا جميعا التنبيه والحركة السريعة لإنقاذ وطننا .
إن أمتنا العربية لم تمت بعد ، إن الأمة مازال فيها روح الأمل ورح العمل ومازال هناك أناس يعملون لإحياء هذه الأمة وعلى اختلاف أفكارهم وتوجهاتهم ولكن مازال هناك أمل وسيزداد الأمل إذا تحولنا جميعا إلى عاملين لرقي هذه الأمة وإلى مفكرين لرفع مستوى الأمة وإلى علماء نعمل في معاملنا بجد لتعود الأمة إلى وضعها الطبيعي في مقدمة الأمة .
أحسست بألم وبغصة حينما رأيت وسمعت وقرأت ما يحدث في هذه الأيام بين أبناء الأمة الواحدة بسبب هذه اللعبة ، وأحسست أن هذا كله يتم بمخطط كبير وضخم لإبعادنا عن أهدافنا العليا وآمالنا المشروعة وأحسست أن القادم أسوأ إذا استمرت الأمور على هذا الحال وإذا استمر التعليم على هذا المستوى وإذا استمر الإعلام بأيدي أناس ليسوا بأمناء ، فسوف يستمر الهبوط ولن يتوقف إلا إذا وجد من يوقفه .
فهل ستكون أنت أخي القارئ أول من يوقف الهبوط السريع في بلدنا وفي أمتنا . أملي فيك أن تتقدم الصفوف ولا تيأس .

الخميس، ٢٢ أكتوبر ٢٠٠٩

لنسفعا بالناصية


لنسفعاً بالناصية ـ ثروت الخرباوي
ثروت الخرباوي (المصريون) : بتاريخ 21 - 10 - 2009
( كما تدين تدان ) ،( دخلت امرأة النار في هرة عذبتها ) ليست هذه مجرد كلمات نسمعها ونتفاعل معها ونهز رؤوسنا من فرط التأثر بها ولكنها في الحقيقة .. حقيقة .. قانون .. ناموس من النواميس التي أرادها الله للكون .. وقد يظن بعض اليائسين أو الجاهلين لقوانين الله في خلقه أن الظالم من الممكن أن يفلت بظلمه .. وقد كنتُ ذات يوم غافلا عن حتمية هذه القوانين .. أؤمن بها إيمانا شكليا أو هامشيا لم يتغلغل في ضميري أو يخالط العلم المستكن في فؤادي ، إلى أن حدث ما أذهلني وزلزل مشاعري وأيقظ ضميري ، فإذا بي وكأن الحجب تكشفت ، وكأنني أرى عيانا بيانا مصارع الظالمين .كانت البداية في أواخر السبعينات وفي أغلب الظن كنا في عام 1978 وكنت وقتها طالبا بكلية الحقوق جامعة عين شمس أسعى في مناكبها وأنشطتها ومدارجها ، وقد جمعتني أروقة الجامعة بالعديد من الأصدقاء .. منهم من كان ينكب على مناهج الدراسة وحضور المحاضرات وهؤلاء كنا نطلق عليهم اسم ( شلة البؤس ) ، ومنهم من كان مثلي يتنقل بكل كيانه بين الأنشطة ومجلات الحائط واللجان الطلابية والأسر والمظاهرات وقد كان الفريق الآخر يطلق علينا اسم ( شلة الأنس ) ، أما الشلة بفريقيها فقد كانت مشهورة في الجامعة آنذاك باسم ( شلة النمس ) !! ولا أعرف سببا لهذه التسمية التي جعلت شلتنا ذائعة الصيت ، وعندما يدخل الصيف وننتهي من امتحاناتنا كنا نحمل أمتعتنا ونذهب سويا إلى مدينة الإسكندرية نقضي بها أسبوعا أو أسبوعين لا نحمل إلا قروشا قليلة ولكننا كنا بها نملك الدنيا بأسرها ، وليس يهم بعد ذلك أن نتطفل على أحد الأصدقاء من أهل الإسكندرية فنبيت عنده ليلة ونقضي عنده يوما أو بعض يوم ، ثم نتطفل على بعض الأقارب يوما أو بعض يوم .. المهم أننا كنا لا نحفل أين ننام فحيث ينتهي بنا المقام يكون نومنا .وفي هذا الصيف الذي أحدثكم عنه حط بنا الرحال عند صديقنا مجدي الاسكندراني وهو أحد أصدقاء الشلة حيث كان سكنه الأصلي في منطقة سيدي بشر عند شارع خالد بن الوليد في عمارة صغيرة يمتلكها والده ـ رحمه الله ـ ، وكان أثناء العام الدراسي يقطن في منطقة الزيتون بالقاهرة في شقة تمتلكها أسرته حيث كان والده منذ عهد جمال عبد الناصر يشغل وظيفة حساسة بمؤسسة الرئاسة .وفي شقة صغيرة من شقق العقار المملوك لأسرة صديقنا مجدي بسيدي بشر كانت إقامتنا ، وكانت هذه الشقة في الأصل يقيم فيها محيي شقيق مجدي والذي كان طالبا وقتها في كلية طب الإسكندرية وكان قد أعد هذه الشقة ليستذكر فيها دروسه هو وأصدقاءه من طلبة الطب ، وكنا نعلم أنه جعل من إحدى حجرات المنزل مشرحة متكاملة يستجلب فيها جثامين بشرية أو بعض أجزاء من جثث لغرض التشريح الطبي والاستذكار عليها .وفي اليوم الأول لإقامتنا كانت هناك مباراة دولية في كرة القدم في نهائي كاس العالم وجلسنا نشاهد المباراة في الوقت الذي كان فيه محيي شقيق مجدي يصطاد كعادته ـ بعدة الصيد ولباس الغوص بحسب أنه كان محترفا في ذلك ـ السمك الذي سيكون طعامنا في الغداء والعشاء ... كانت مباراة الكرة محتدمة وكانت الأنظار معلقة على جهاز التلفزيون وكان بعضنا شرها في شرب السجائر وكان لا يني يطفئ سيجارة في عقب سيجارة ويضع ما يتبقى من أعقاب السجائر في منفضة ( مطفأة سجائر ) غريبة الشكل والتكوين موضوعة على منضدة جانبية ، ولسبب لا أعلمه حانت مني التفاتة لهذه الطفاية وأخذت أتفرس فيها ثم قفزت صارخا وجسدي يرتعش فقد كانت تلك المنفضة ( المطفأة ) قطعة من جمجمة بشرية .نظر إليّ الأصدقاء وهم لا يفهمون سببا لصياحي فلم يكن أحد في المباراة قد أحرز هدفا أو أضاع هدفا كما أنهم يعرفون أنني لست من الذين ينفعلون في مباريات الكرة ، وبدون أن أتكلم أشرت لهم على مطفأة السجائر وعندما نظروا إليها بإمعان قفز صديق لنا يدعى عز الدين ( وهو الآن مستشار بمحكمة النقض ) وخرج من الغرفة فزعا مسرعا لا يلوي على شيء إلا أن مجدي أعاده مرة أخرى وقال لنا متعجبا من فزعنا : ما الذي أصابكم ؟!! هذه مجرد جمجمة من جماجم محيي التي كان يستجلبها لدروس التشريح وقد قام بتوضيبها وقسمها قسمين حيث جعل من هذا القسم مطفأة للسجاير وأعطى النصف الآخر لصديق له جعلها إناء وضعه في قفص للعصافير !! .كان من الطبيعي أن تتعكر أمزجتنا إذ كانت أعوادنا ما زالت طرية لم نألف الموت ولم نخبره لذلك كان من الطبيعي أن نغلظ لمجدي في القول وألزمناه أن يحمل تلك الجمجمة ويضعها في مكان آخر لا تقع عليه عيوننا .. ولم يكن من الغريب أن نُعرض السمك الشهي الذي كان محيي قد أحضره وقام بشيه بنفسه بطريقة اسكندرانية كانت محببة إلى نفوسنا .وفي المساء انفردت بمحيي وكان الرفاق يقضون وقتهم في بعض ألعاب التسلية وسألته عن خبر هذه الجمجمة ، فقال لي سأصدقك القول وسأخبرك بما لا يعرفه أحد من أهل البيت هنا ..(( هذه جمجمة لأحد أكابر المجرمين الذين كانوا يعذبون الناس في السجون في الخمسينات والستينات وقد مات هذا الرجل منذ فترة ليست بالبعيدة وتم دفنه في قريته التابعة لإحدى مراكز محافظة الغربية وكنت قد اتفقت مع المقاول الذي يقوم بتوريد الجثث لكلية الطب كي يستجلب لي جثة أذاكر عليها أنا وزملائي فقال لي أن لديه جثة بالفعل وكان قد عرضها على كلية الطب ولكنهم رفضوها لأنها ممزقة كل ممزق وتكاد رأسها ان تنفصل عن جسدها فضلا عن فقدها لبعض الأجزاء بالإضافة إلى أن الجمجمة نفسها مليئة بالكسور وعندما سألته عن صاحب هذه الجثة فقال لي أنه أحضرها من أحد رجاله الذين يُحضرون له الجثث من قرية تابعة لأحد المراكز بمحافظة الغربية وأنه علم أنها لذلك الجبار الذي قصمه الله ومات في حادثة بشعة تحدثت مصر كلها عنها )) واسترسل محيي قائلا (( بعد أن علمت أن هذه جمجمة هذا الطاغية جعلت من نصفها مطفأة سجائر كما ترى أما صديقي فلان وهو من قيادات الطلاب بجامعة الإسكندرية فقد جعل من النصف الآخر إناء ماء وضعه في قفص للعصافير إلا أن العصافير للعجب الشديد عزفت عن الشرب منه وجعلته موضعا تقضي حاجتها فيه بغير توجيه أو تدريب وسبحان الله ولله في خلقه شئون )) !!.مرت سنوات وتخرجنا من كلية الحقوق وعمل بعضنا بالنيابة ثم تدرج في سلك القضاء وعمل بعضنا بالمحاماة وكنت قد تمسكت بالمحاماة لا أروم غيرها ولا أبتغي سواها ثم افتتحت مكتبي للمحاماة حيث شاركني فيه أحد أخوالي الذين تقلدوا من قبل مناصب عديدة في القضاء هو المستشار خيري يوسف الذي كان رئيسا سابقا لمحكمة الاستئناف ، وذات يوم عُرضت علينا قضية قتل خطأ وما أن قرأها خالي حتى قال لي : (( إن هذه الحادثة تعيد إلى ذاكرتي حادثة بشعة وقعت على طريق القاهرة الإسكندرية الزراعي منذ سنوات )) واسترسل الخال خيري قائلا : (( كانت حادثة مروعة وكنت وقتها رئيسا لنيابة إحدى النيابات في محكمة كلية وخرجنا أنا وزميل لي في مهمة قضائية لمعاينة الحادث ومناظرة الجثة .. دلت المعاينة وشهادة الشهود على أن سائق السيارة القتيل كان يقود سيارته بسرعة غريبة وكانت أمامه سيارة نقل مُحملة بأسياخ الحديد التي تتدلى من مؤخرة السيارة ودون أن يتنبه استمر في سرعته حتى اصطدم بالسيارة النقل وحينها اخترقت أسياخ الحديد ناصية القتيل ومزقت رقبته وقسمت جانبه الأيمن حتى انفصل كتفه عن باقي جسده )) وبتأثر واضح قال المستشار خيري : (( لم أستطع مناظرة الجثة فقد وقعت في إغماءة من هول المنظر وقام زميلي باستكمال مناظرة الجثة ... هل تعلم من كان القتيل ؟ لقد كان اللواء فلان الذي كانت فرائص مصر كلها ترتعد من مجرد ذكر اسمه وكانوا يلقبونه بملك التعذيب في السجن الحربي )) .. سرت قشعريرة في جسدي ولم أستطع أن أنبس ببنت شفة ولم تخرج من فمي إلا كلمة سبحان الله وأقسم لكم أنني شعرت وقتها بالمكان كله وكأنه يشاركني في تسبيحي وكأنه أيضا يرتجف فرقا وخوفا من الله الذي لا يُظلم عنده أحد .مر عام على القصة التي رواها لي المستشار خيري وبعد هذا العام سنحت لي الظروف أن أجلس مع الحاج أحمد أبو شادي وهو رجل إن لم تكونوا تعرفونه يشع النور من وجهه .. تجلس معه وكأنما تجلس مع رجل من جيل الصحابة .. فطرته نقية وقلبه ندي .. يحمل على كتفه حكمة السنين .. كان الحاج احمد أبو شادي من الذين قضوا جزءا من أعمارهم في السجون أثناء الستينات بسبب انتماءه الفكري للإخوان وكان قد تعرض في السجن لتعذيب بشع رأيت بنفسي آثاره التي ما زالت باقية في جسده لم تبرحه بعد وكأنها وسام شرف .. وفي داخل السجن حفظ الحاج أحمد القرآن الكريم .... وفي فترة الثمانينات وجزء من التسعينات ظل إماما لنا في عدة مساجد بمدينة نصر في صلاة القيام .. وفي إحدى الجلسات الخاصة التي جمعت بيننا حكي لي الحاج احمد عن فترة من فتراته في المعتقل فقال (( كان الطاغية مدير السجن الحربي قد نهانا في رمضان أحد الأعوام عن صلاة القيام وإلا تعرضنا للتعذيب والتنكيل ولكننا كنا نحتال عليه وعلى السجانين فكنا نصلي كل مجموعة في زنزانتها بصوت خفيض .. وفي يوم فاض بنا الكيل وثار بعضنا وصممنا على أن نصلي جهرة ونُسمع الحراس صوت صلاتنا وعندما وصل خبرنا في اليوم التالي للطاغية قام بتكديرنا وتعذيبنا بكل أشكال التعذيب التي يتصورها العقل والتي لا يتصورها حتى كدنا أن نهلك وهنا صاح أحدنا بصوت جهوري ضمخه الحق : والله يا أيها الظالم إن الله سيقتص منك وسيسفعك على ناصيتك .. وهنا قال له الطاغية الظالم : ماذا تقصد ؟ فقال له الأخ ــ وقد كان فلاحا من إحدى قرى محافظة الجيزة ــ ألم تسمع قول الله سبحانه وتعالى ( أرأيت الذي ينهى عَبْدًا إِذَا صَلَّى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ) فقد قال الله بعدها (كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) وسيسفعك الله على ناصيتك )) لم تصدق أذني ما سمعته من الحاج احمد أبو شادي ولكن قلبي قفز من مكانه حتى كاد الجالسون معي يسمعون نبضات قلبي .. وهنا أيقن فؤادي أن وعد الله حق ، وأن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، فقد كانت الجمجمة التي استُخدم نصفها كمطفأة للسجائر والنصف الآخر كإناء لقضاء حاجة العصافير هي نفسها جمجمة الطاغية مدير السجن الحربي الذي طالما قتل وعذب وقال للمساجين كلمة تكاد السماء تقع من هولها هي ( إن الله في زنزانة مجاورة ) !! هو ذاته ذلك الجبار المتأله الذي أنبأه الفلاح المعتقل البسيط بوعيد الله بأن رب العزة سيسفع ناصيته عندما نهاه عن الصلاة ، وهو أيضا نفس الرجل الذي مات في حادثة بشعة مروعة سفع الله فيها ناصيته .. وكما تدين تدان ثروت الخرباويelkherbawy@yahoo.com

الثلاثاء، ١٦ يونيو ٢٠٠٩

زيارة أوباما ..

كنت واقفا قريبا من القاعة التي أطلق منها أوباما خطابه عندما زار القاهرة في الأسبوع قبل الماضي وشاهدت ضابطا كبيرا يحمل جهاز الاسلكي ويتحدث فيه بعصبية وهو مذعور وخائف ولم يلفت نظره مروري بالقرب منه فقد كان الشارع شبه خالي وكان مشغولا بالصراخ في الجهاز الذي يحمله وعندما نظرت إلى وجهه فكرت وسألت نفسي لماذا هو خائف بهذه الطريقة وهو الذي يخيف كثيرا من أبناء شعبه كل يوم ولماذا كل هذا الخوف على أوباما ؟ وعندها سرحت بعيدا تذكرت من هو القادم إلينا .
إنه رئيس العالم الحر ! هكذا كانوا يقولون على بوش . إنه جلس مع مستشاريه واتفق معهم على أن يتوجه بكلمة إلى المسلمين حتى يحسن وجه بلده القبيح ، واتفقوا على أن يلقي هذه الكلمة من هنا من القاهرة ومن هذه القاعة في جامعة القاهرة ولم يخطر بباله أنه ربما يرفض أهل القاهرة ذلك ولكن هل سيتم سؤال أهل القاهرة أصلا ؟ لا فنحن في القاهرة لن يتم استشارتنا بل وستتم الرحلة إلى القاهرة كما يريد هذا القادم من بعيد وفي حراسته الخاصة التي ستدخل وتخرج من مصر وإليها دون إذن من أحد وهذا ما حدث بالفعل !!
أحسست عندما نظرت إلى وجه الضابط الذي كان يقف أمامي أنني محاصر بينه وبين هذا القادم من بعيد وأحسست أنه لولا ما فعله هذا الضابط وأمثاله معي ومعكم أعزائي القراء لكان لنا أو للغالبية منا موقف رافض لهذا الأسلوب من التعامل معنا ومع بلدنا وكأننا كم مهمل . فقد صنعوا منا لقمة سائغة لهذا الغريب لكي يأخذ قراراته ويجريها علينا ليل نهار ، نعم كان سيكون لنا موقف ممن دمر العراق وأفغانستان وممن قتل أهلنا هناك وممن يساند الكيان الصهوني ويعتبره شريكا دائما له ، نعم كان سيكون لنا موقف ممن يعتبرنا نحن المسلمون عدوه الأول .
عندما جاء أوباما إلى القاهرة تأكد عندي أننا لا نمتلك من أمر بلدنا أي شيء فالذي يملك أمرنا هو الجالس هناك في البيت الأبيض والذي يأخذ القرار هو الجالس هناك ونحن لا قيمة لنا جميعا .
وتذكرت أنه في إحدى ممالك الأندلس عندما كان يأتي ملوك أوربا للزيارة كانوا ينتظرون فترات ربما تصل إلى شهر لكي يتمكنوا من مقابلة أمير البلاد . وعلمت أن تحول الأوضاع كان بسببنا نحن نعم نحن الذين فرطنا في أسباب العزة التي كنا نمتلكها ، نعم نحن الذين قصرنا في حق أمتنا وفي حق بلدنا ، نعم نحن الذين أهملنا أنفسنا حتى وصلنا إلى ما نحن فيه من ضعف وأصبحنا مثل الكرة تتقاذفنا الأقدام .
ولكن : لم تنته المباراة بعد فسنن التقدم موجودة ومعروفة للجميع فلنحملها ولنحمل أنفسنا على الجادة وكفانا هزلا .

الثلاثاء، ٢٤ مارس ٢٠٠٩

أجب عن عشرة أسئلة تصبح صاحب مشروع

حالة من اليأس والإحباط تسببها أخبار التسريح شبه اليومية التي تطل علينا منذ بدأت الأزمة المالية، ويوما بعد يوم تزداد الصورة قتامه أمام الآلاف من الشباب المتدفق لسوق العمل سنويا، إلا أن البعض لم يستسلم لتلك المثبطات وحركت الأزمة داخله مارد المغامرة والرغبة في الاستقلال بعمل خاص يكون هو مبتكره ومديره.
فهل تكفي هذه الرغبة لتتخذ قرار إنشاء مشروع مستقل ناجح؟ في رأي كيلي سبورز الصحفية بجريدة وول إستريت جورنال لا تكفي الرغبة لتكون الأساس الذي تبني عليه عملك الخاص، ورصدت كيلي في تقرير لها منشور تحت عنوان"
So, You Want to Be an Entrepreneur " بتاريخ 24 فبراير 2008،عشرة أسئلة أساسية تعتبر الإجابة عليهم هي المحدد والمؤشر الذي يمكنك من خلاله معرفة صلاحيتك للقيام بمشروع خاص من عدمه.
ففي الوقت الذي يعتبر الكثيرون أن العمل الخاص هو الوسيلة المناسبة للحصول على الثروة، والقيام بشيء ما تحبه بعيدا عن سلطة شخص آخر كمديرك مثلا، يراه آخرون مقامرة مالية ضخمة؛ حيث يكتشفون بعد فوات الأوان أنه لم يكن خيارهم المناسب؛ لذلك حاول الإجابة على العشرة أسئلة التالية قبل اتخاذ مثل هذا القرار:
1- هل أنت مستعد لتحمل المخاطر المالية الكبيرة؟
خصوصا أن ما يقرب من نصف المشروعات التي تبدأ تنتهي في غضون خمس سنوات، وتعد الواقعية في تحمل المخاطر المالية شرطا أساسيا لمن يرغب في القيام بمشروع خاص مهما بلغت كمية الفاقد من الثروة.
فهناك علاقة طردية بين حجم الخسارة المالية المتوقعة عند بداية أي مشروع خاص، وما سوف تحصل عليه فيما بعد، تماما مثلما يحدث في حالة خسارة الكثير من الأموال للحصول صوت في "مجلس الشيوخ الأمريكي".
فعلى من يريد أن يكون صاحب مشروع أن يعرف أنه إذا فقد رأسماله، فإن ذلك لا يعني بالضرورة خسارة وضعه المالي، أو بمعنى آخر تحدث عنه سكوت شين خبير علاقات العمل والأستاذ بجامعة Case Western Reserve في كليفلاند، وهو أن عليك أن تقبل بمغامرة قد تؤدي بك للإفلاس، فحسب شين حتى رأس المال الذي تبدأ به المشروع ربما يكون رأس مال مغامر، فـ 10% من المشروعات قامت على أساس رأس المال المغامر من خلال ممولين، أو قروض مجمعة من أصدقاء أو من العائلة، ولم يعتبر شين في ذلك مشكلة حتى في الأوقات الاقتصادية الجيدة.
2-هل أنت على استعداد للتضحية بنمط حياتك لعدة سنوات؟
إذا كنت ممن يحصلون على مخصصات مالية إضافية لمرتبك كميزة الإجازات مدفوعة الأجر، أو التأمين الصحي ربما تفاجأ مفاجأة غير سارة، وهي أنك قد تعمل لمدة 60 ساعة أو أكثر في الأسبوع، وقد يصل بك الحال إلى أن تحرم من العودة لمنزلك، كما أنك ستحرم نفسك من تقاضي راتب معقول في السنوات الأولى من بداية مشروعك، وستتخلى عن إجازاتك، حتى يبدأ مشروعك، ويكون له وجود، وهو ما يستغرق ثماني سنوات أو أكثر، وفق تقدير ويليم بيجرف الأستاذ الفخري في إنشاء وتنظيم المشاريع بكلية للإعلام بجامعة Wellesley.
وحتى لو أردت أن تستجم بعيدًا، فسيكون ذلك صعبًا؛ لأنك ستجد من يتصل بك، سواء من موظفيك أو عملائك، وسيكون عليك أن تصطحب معك هاتفك وجهازك المحمول كما يحرص رجال الأعمال دائمًا.
وتحكي السيدة والزير عن معاناتها عند بداية مشروعها؛ حيث لم تتقاض أي أجر لنفسها حتى السنة الثالثة من تأسيس المشروع، وبعدها تقاضت أجرا بسيطا، على الرغم من إمكانية حصولها على أجر أكبر، ولكنها فضلت أن تبقي الأموال لمشروعها؛ ليكون في وضع مالي أفضل.
وعلى الرغم مما يمثله عدم وجود دخل لمدة سنتين لوالزير البالغة من العمر تسعة وعشرين عاما من تقشف في الحياة، إلا أنها الآن تضاعفت ميزانية مشروعها، ووصل دخلها السنوي إلى أكثر من 2 مليون دولار.
3- على من سيجني عملك الخاص؟
لا تتجاهل الوقت المستغرق في إدارة عملك الخاص وتأثيره على أحبائك، فكثيرا ما تسببت المشاريع الخاصة في إفشال بعض الزيجات، أما الحالات الأخرى التي لم تفشل فإن بها الكثير من التوتر؛ وذلك لأن أصحاب المشاريع يكرسون الكثير من الوقت والمال لإعمالهم.
ويستعجب فيشبيك نائب رئيس المشاريع في مؤسسة إوينج " Ewing Marion Kauffman Foundation" من الأزواج الذين يبدءون عملهم الخاص دون أن يبلغوا زوجاتهم، وينصح من يريد أن يكون صاحب مشروع أن يتحدث مع زوجته وأسرته عن تأثير عمله الخاص على حياته المنزلية، والتغيرات التي ستحدث في جداول المهام اليومية، ومدى التوتر الذي تشعر به من جراء هذه المخاطرة المالية، وعليهم أيضا أن يتفهموا ذلك, وأن يشعروا أنهم يحققون معك حلمك.
4- هل تستطيع إدارة عملك الخاص من كافة الأوجه؟

في المراحل الأولى من الأعمال التجارية غالبا ما يقوم المؤسسون بالتعامل مع كل شيء بداية من الفواتير للعملاء، وتوظيف الموظفين حتى كتابة مواد التسويق، فبعض أصحاب المشاريع الجديدة يقضون معظم وقتهم في الإدارة؛ حيث تقول دونا اتنسون نائبة رئيس رابطة مراكز تنمية الأعمال التجارية الصغيرة "عليه أن يفكر في كل الأمور التي لم يفكر فيها من قبل" كناية عما يقوم به صاحب المشروع في البداية.
ويحكي جيرومي ستولينجز (33 عاما) مؤسس شركة Ninthlink Inc بسان ديجو، ومؤسس شركة للتسويق التفاعلي عن حماسته الشديدة عند بداية المشروع، والتي سرعان ما خفتت عندما بدأت وكالته في عام 2003 في تعيين اثنين من الموظفين؛ حيث أدرك حينها أنه لم يكن على استعداد للتحديات اليومية لإدارة الآخرين.
ومن فرط حماسته وحبه للمشروع توقع ستولينجز أن تنتقل هذه الروح لموظفيه تلقائيا، ليقوموا بوظائفهم ويشعروا بنفس ما يشعر هو به عند قيامه بأي جهد للمشروع، لكنه فوجئ بشكاوى كثيرة من بعض العملاء، يشكون فيها موظفيه لعدم حرصهم على العمل، وتأخيرهم في تسليم المشروعات في الموعد المقرر، كما أنهم تعجبوا من المفارقة الشديدة بينه وبين موظفيه فهو حريص على العمل بشكل كبير، ويمتلك من المهارات الكثير، لذلك نصحوه أن يغير أسلوب إداراته لهم.
5- هل أنت مستعد لاتخاذ القرارات بشكل فوري دون الاسترشاد بأي دليل؟
في بداية أي عمل خاص، يكون عليك اتخاذ عدد كبير من القرارات دون أي توجيه، فهل أنت مستعد لاتخاذ مثل هذه القرارات دون أن تستشير أحدًا.
يرى الكاتب بيل واجنر مؤلف كتاب "رجال الأعمال خلف الأبواب"، والذي حدد فيه خصائص أصحاب المشروعات الناجحة، أنه لا أحد يمكن أن يقول لك كيف تكون ناجحا؟ كما لا يوجد هيكل محدد للدخول في مشروع تجاري بناء على الدراسة التي أجراها على عينة بها أكثر من 10000 رجل أعمال؛ لمعرفة ما الذي يميز المشروعات ذات النجاح الكبير عن غيرها ذات النجاح الأقل.
وفي مقابلته لمعظم أصحاب المشاريع الناجحة، توصل إلى أن أكثرهم من ذوي القدرة على اتخاذ القرارات الفورية، غير أنها ليست قاعدة ألا يصلح من هم أقل قدرة على اتخاذ القرار بهذا الشكل للدور القيادي، فقط يتعين عليهم بذل الكثير من الجهد في ذلك.
6- ما هو مدى سرعتك في تنفيذ أفكارك؟
تعتبر القدرة على تنفيذ الأفكار واحدة من أكبر الاختلافات بين أصحاب المشاريع الناجحة وغيرها؛ حيث يشير البروفسور بيجرف من كلية Babson College إلى أنه لا يعني امتلاكك لفكرة رائعة، أن مشروعك ناجح؛ لأن هذا يتطلب مزيجا من حملات الإقناع، ومهارات القيادة والحدس، فهم فعلا القادرون على تحويل فكرتك إلى تجارة مربحة.
لذا عليك النظر لماضيك بموضوعية لمعرفة إذا ما كنت توليت أدورا قيادية، أو أنشأت مشروعا خاصا بك، أو أي شيء يرجح أن لديك قدرة جيدة على تنفيذ الأفكار، وتستطيع أن تحدد ذلك مبكرًا، فقد تكون متمتعا بهذه الصفة من الصغر، ويقول بيجرف "الكثير من أصحاب المشاريع الناجحة بدأت أفكار شركاتهم عندما كانوا أطفالا".
7- إلى أي مدى أنت مقنع وتملك حسن التعبير؟

فإذا كنت لا تعتقد أنك مقنع أو لديك صعوبة في توصيل أفكارك للآخرين، قد يكون عليك إعادة النظر في بدء مشروع خاص بك من عدمه، أو عليك التفكير في الحصول على بعض المساعدة تفاديا لهذه المشكلة.
يحكي براد برايس الذي كان شريكا بشركة بالتيمور للمحاماة عام 2007، وكان يتقاضى مقابلا يصل إلى 135000 دولار سنويا لوظيفته هذه عن تجربته؛ حيث استقال من وظيفته لينشئ مشروعه الخاص، لشعوره بأنه شخص قادر على القيادة، ولديه من الفعالية الشخصية ما يمكنه من إنشاء مشروعه الخاص، لكنه اكتشف بعد ذلك أن لديه مشكلة في المبادرة بالتواصل والعرض لخدمات شركته.
ويعبر عن هذه الحالة بقوله "هناك فرق كبير بين انتظارك أن يرن الهاتف، وأن تقوم أنت بالاتصال أولا، هكذا أوضح برايس الفرق بين عمله السابق وعمله الحالي كصاحب مشروع. ولحل هذا الموضوع فوض برايس زوجته في إدارة التسويق، وتكوين الشبكات؛ حيث إنها تجيد -على حد قوله- عمل ذلك، وبهذا خرج من مأزقه.
8- هل تملك فكرة أنت متحمس لتحقيقها من خلال مشروعك؟

لو لم تملك الحيوية الكافية لتستيقظ من نومك، وتقفز خارج فراشك مباشرة لتصل لعملك سريعًا، وإن لم تملك خطة فعالة لتمضية وقتك، فسيكون صعبا عليك إدارة عملك الخاص.
فسؤال لماذا تريد أن تقوم بعمل خاص؟ هو أول ما تسأل عنه "تنسون" رئيسة رابطة تنمية المشروعات الصغيرة من يريد أن يقوم بعمل خاص؛ حيث تقول إذا كنت تقوم به رغبة في جمع الكثير من المال، أو لأنك تعبت من العمل لحساب شخص آخر، فتنصحك تنسون بأن تتجنب العمل الحر تماما إذا كان لمثل هذه الأهداف فقط.
وتضيف "إذا ما كنت تكره القيام بالأعمال الورقية، فآخر ما يمكن أن تفعله هو أن تصبح أمين مكتبة، وتؤكد أنه على من يرغب في القيام بعمل خاص أن يكون حكيما في اختيار النشاط الذي تقوم فيه بمشروعك، وعليك أن تكون على دراية كافية بهذا المجال؛ لأنه سيكون من الصعب أن تنجح إذا كنت تعرف القليل عن مجال تخصص مشروعك.
9- هل لديك روح المبادرة؟

يواجه الكثير من أصحاب المشاريع بالكثير من مشاعر الإحباط تجاه أفكارهم، ويقابلون دائما معارضة لما يقومون به، وهو ما يستلزم قوة الإرادة والتفاؤل دائما للتغلب على مثل هذه العقبات.
وقد توصل جون غارتنر أستاذ الطب النفسي بجامعة Johns Hopkins ومؤلف كتاب "hypomaniac edge"، لنظرية مفادها أن العديد من أصحاب المشاريع المعروفة لديهم حالة ذهنية ونفسية خاصة، أهم ملامحها أنهم غاية في الإبداع والنشاط والمثابرة، وهي ميزات تساعدهم على الاستمرار حتى لو فقد الآخرون الإيمان بما يفعلون.
وتعتبر المخاطرة الفائقة من أشهر الأفعال المرتبطة بالثقة العالية لدى هؤلاء الأشخاص، فهم لا يخطر الفشل بذهنهم، بل ولو حدث لهم فشل بالفعل فإنهم سرعان ما يتداركونه، وليس شرطا أن تنساق بشدة وراء مثل هذه النماذج كي تحقق النجاح، لكن الأشخاص الذين يحبطون ويردعون بسهولة لن يستمروا طويلا في إدارة عمل خاص.
10- هل لديك شريك تجاري؟

إذا لم يكن لديك كل الإمكانيات التي تساعدك في إدارة عملك فإنها ليست مشكلة ميئوسا من حلها، فعليك فقط العثور على الشريك التجاري المناسب لك ليعوض أوجه القصور الخاصة بك، ولكن لا بد أن يتوافر له نفس القدر من الحماسة للعمل والالتزام بالقواعد الأخلاقية التي تؤمن بها أنت، وتأكد من أنه إذا توافر به ذلك ستزداد احتمالات نجاح مشروعك وتقل المخاطر.
وقد أشار ديفيد غيج العضو المؤسس لرابطة BMC إلى أن المشروعات التي يديرها الشركاء محتمل أن تحقق نجاحا ونموا أكثر من نظيراتها التي بدأها أصحابها منفردين، وذلك من خلال دراسة أجرها الباحثون على عينة قوامها 2000 رجل أعمال.
ويضيف ديفيد أن كلمة السر لاختيار الشريك، هي قدرته على التعامل مع الجوانب المختلفة التي لا تتعامل معها أنت؛ لأن كلا منكما مكمل للآخر، فشخص ما يحب المجازفة، ويحب أن يكون في بؤرة الضوء، عليه أن يختار شريكا يفضل العمل في مؤخرة الصف।واختيار الشريك ليس أمرًا سهلاً؛ لأنه في ضوء هذا القرار، يتحدد عدد من الأشياء، فكثير من الشراكات تفشل لوجود انشقاقات ونزاعات حول المال أو سوء الأخلاق، لذلك يوصى الشركاء بضرورة قضاء بضعة أيام يصوغان فيها معا تفاصيل الأعمال، وكيفية ترتيب العمل لمعرفة ما إذا كانا لا يزالان متوافقين أم لا؟.
نقلا عن اسلام اون لاين - ترجمة وتحرير وفاء محسن

الأحد، ٨ مارس ٢٠٠٩

المستقبل وشباب الأمة ..

منذ فترة طويلة وأنا أسأل نفسي سؤالا أصابني بالأرق الدائم وهذا السؤال هو : ماذا نريد من المجتمع حولنا بالضبط ؟ هل نريد منه أن يحمل هم هذا الدين وهم هذه الأمة كما نحمله نحن ؟ أم نريده أن يكون مجتمعا متدينا فقط وبعد أن يفهم دينه سوف يتحول بطبيعة الحال إلى مجتمع إيجابي يحمل الفكرة الإسلامية ويرقى بها إلى مصاف المجتمعات الراقية؟
كنت أجلس في أحد الأماكن العامة وكان حولي هرج ومرج وأصوات شباب لم تعجبني تصرفاتهم وجلست أفكر ماذا أفعل مع هؤلاء واستطعت أن أخلو بعدد منهم وسألتهم سؤالا واضحا : لو جاء إلينا الآن رجل من الذين يعملوا ضد هذه الأمة ترى هل سيكون سعيدا ؟ فأجابوا جميعا بالإيجاب . وسألتهم مرة أخرى : لماذا تعملون على إسعاد أعداء الأمة ؟ فقالوا : لعلها فترة ثم نفيق . فرد أحدهم وقال لا لن تكون فترة فالغالب على الشباب في هذه الأيام هو التفاهة والجري وراء شهواته وكذلك إتباع الفتن في كل مكان وأخذ آخر الحديث وقال : لا إن الشباب فقد التفكير فهو لا يفكر إلا في نفسه ووقته فقط فهو أصبح لا يعرف كلمة المستقبل أصلا حتى يبحث عنها فالكل يعلم أنه يتعلم لكي يحمل شهادة فقط ثم يضاف بعد ذلك إلى أرقام العاطلين. فقلت لهم هل تتصورا أنه من الممكن أن تقوم بلد ما على أكتافكم أو أن ينتصر جيش ما أنتم جنوده أو تتفوق أمة ما أنتم مستقبلها ؟ فصمتوا خجلا وقالوا من فضلك ادع لنا . نسيت أن أقول أن جميع الثلاثة طلاب في جامعة الأزهر .
هذا يحملنا مسئولية كبيرة عن شباب الأمة الذي استطاع أعداء الداخل والخارج أن يفسدوه بل ويجعلوه مفسدا. فلقد حملوه من الهموم والأمراض ما لا يستطيع حمله فو الله إني مشفق جدا على الأجيال القادمة ولا أدري هل من حلول جاهزة موجودة لدى أي جهة لإنقاذ هؤلاء الشباب أم أن المسكنات هي الحل الجاهز كما اعتادت حكوماتنا الرشيدة المتعاقبة . إننا مطالبون جميعا أن نبذل كل ما لدينا لإنقاذ هؤلاء لأنهم إذا بقوا على هذا المستوى فلن يكون لدولنا ولا لأمتنا مستقبل يذكر .
لقد تنقلت كثيرا بين الدول العربية ويكاد يكون الحال واحدا بين دولنا جميعا فالنظام التعليمي يحتاج إلى تغيير شامل والنظام الوظيفي يحتاج إلى تغيير أيضا وقوانين الاستثمار لا تخدم الشباب بل تعمل في صالح فئات معينة تريد أن تزداد ثراء .
ويبقى الأمل فيمن يحملون راية الحق ويتحركون بها فشباب الأمة أمانة يجب ألا نضيعها وشباب الأمة فيه من الخير الكثير ولكن فقط يجب أن نحسن التعامل معهم ولذلك لابد أن نحسن بناء أنفسنا فلابد أن نمثل المسلم الحضاري الذي يحمل كل الخير ويحمل الروح الإبداعية العالية وأن نكون على قدر كبير من المعرفة وأن نجيد صناعة جسور التواصل مع الأجيال الجديدة .
إن الشاب لا يريد منك أن تجلس منه مجلس الأستاذ لتنصحه وتملي عليه أفكارك ، بل يريد منك أن تكون صديقه تعيش عصره وتفهم العصر كما يفهمه هو ، فعلينا أن نقتحم عوالم هؤلاء الشباب ولا نتركهم فريسة للشرق والغرب فكثير منهم أصبح لا يعرف شيئا عن دينه ولا أمته بل وكثير منهم لم يعد يعرف شيئا عن نبيه صلى اله عليه وسلم . فعلى كل منا في مكان عمله أو في مسكنه أو في عائلته أن لا يضيع أي وقت إذا وجد حوله شباب ، عليه أن يتحدث معهم ويتركهم يتحدثون حتى يعبروا عن أنفسهم وعليه أن يوجه فقط للصواب ، علينا أن نستمع لهم فغيرنا صنع مواقع الدردشة على الشبكة العنكبوتية حتى يصنع مجتمع افتراضي لهؤلاء الشباب ونحن نعرف جميعا نتيجة هذه الدردشة والمستوى المتدني من الأحاديث التي تدور فيها .
ونداءا أوجهه لمن بيده الأمر في بلادنا : الشباب هم أمل المستقبل فإذا فقدناه فقدنا مستقبلنا كما فقدنا حاضرنا ولن يكون مستغربا في المستقبل أن يحصد الصهاينة ما يخططوا له . فيا من بيدكم القرار في بلادنا أنقذوا شباب الأمة بخطط قصيرة وطويلة والمدى قبل فوات الأوان .

أبو هريرة الصحابي الجليل

عفا الله عن رجال يتكلمون في أبي هريرة رضي الله عنه وارضاه وعن روايته للحديث فهم يغمزون ويلمزون ويتكلمون عن كثرة روايته، مع انه صحابي جليل شهد له رسول الله ص بالصدق، ودعا له، وكان رجلا قد هاجر الى الله ورسوله وكان من الزم الصحابة له وكان يدور معه حيث دار حرصا على الحديث وروايته، ويأخذ عنه ويروي عنه بكل أمانة وصدق।والحديث عن صحابة رسول الله ص (ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه) لا بد ان يكون بأدب وعلى علم واسس صحيحة لا يخدش صحابيا ولا يغمز بأحد منهم، لأن النبي ص حذرنا من ذلك عندما قال: «الله الله في اصحابي، فلو انفق احدكم مثل احد ذهبا ما بلغ مد حدهم ولا نصيفه» وقد لاحظت بكل أسف ان هناك احاديث تدور عن روايته للحديث وكثرتها ولو ردها هؤلاء الى علماء الحديث ورجاله لعلموا الحقيقة وعرفوا صدق الصحابة وأمانتهم في الرواية، لأنهم تربوا على يد رسول الله ص وسمعوا منه، واخذوا عنه، وتعلموا منه أهمية الصدق، وقد حذرهم من الكذب عليه حين قال: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».وعلينا ان نعلم ان أبا هريرة صحابي جليل، صحب رسول الله ص، وكان قريبا منه، وقد احبه رسول الله ص، ودعا له بالحفظ، وكان رضي الله عنه زاهدا في الدنيا، ومن أهل الصفة، وكان حريصا على سماع الحديث من النبي ص، وكثيرا ما كان يتحمل آلام الجوع حتى لا يفوته شيء من الحديث النبوي الشريف.وقد صحب النبي ص وحفظ الكثير من احاديثه، وآتاه الله قلبا واعيا، وحفظا دقيقا، وعرف بالصدق والايمان والتقوى، والمروءة، والاخلاق، ولهذا فإنه أمر مؤسف ان نلاحظ بين وقت وآخر تهجم بعض المستشرقين، فقد حذا بعض من لا علم له بالحديث حذو هؤلاء المستشرقين، وصدقوا أقوالهم في الطعن في الصحابة الكرام، والطعن في الحديث الشريف، والتشكيك في روايته، وكثير من هؤلاء الطاعنين من المسلمين الذين لم يدرسوا حياة هذا الصحابي الجليل دراسة صحيحة، ولم يعرفوا حقائق ناصعة عن روايته ودقته، ولهذا فقد أخذوا بكل أسف يغمزون ويلمزون، وهذا أمر خطير لأن رسول الله ص قال: «من آذى اصحابي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله... الحديث» ومن هنا فإننا نلاحظ ان بعض هؤلاء الطاعنين قد اسرفوا على أنفسهم وعمدوا الى اتهام أبي هريرة رضي الله عنه بالاكثار في رواية الحديث النبوي، وانه قد روى الآلاف من الاحاديث عن رسول الله ص، واتهامه بأنه اسرف في الحديث، وهذا أمر غير صحيح، بل هو تزوير وتدليس على هذا الصحابي الجليل الذي خدم الحديث النبوي وأخلص في روايته، وانقطع له، وصحب رسول الله ص، وكان يتحمل ألم الجوع حتى لا يفوته شيء من حديث رسول الله ص، وقد اخرج البخاري عنه انه قال: «والله الذي لا اله الا هو ان كنت لاعتمد على الأرض بكبدي من الجوع، وأشد الحجر على بطني».لقد كان رضي الله عنه حريصا على العلم، وشهد له النبي ص، فقد روى ابن كثير في البداية والنهاية ان النبي ص قال له: «الا تسألني من هذه الغنائم التي سألني أصحابك؟»: فقلت له اسألك ان تعلمني مما علمك الله.وكان كثير الحفظ لا ينسى، فقد دعا الله فقال: اللهم اني اسألك علما لا ينسى وقد أمن الرسول ص على دعائه. وروى البخاري ومسلم، قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله اني لأسمع منك حديثا كثيرا أنساه. قال ص: «ابسط رداءك» فبسطته، ثم قال: ضمه الى صدرك» فضممته، فما نسيت شيئا بعد ذلك.«وهذه ميزة مهمة لهذا الصحابي الجليل فقد روى ابن حجر في الاصابة: أنه جاء رجل الى زيد بن ثابت رضي الله عنه فسأله، فقال له زيد: عليك بأبي هريرة، فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ندعو الله ونذكره، اذ خرج علينا رسول الله ص حتى جلس إلينا فقال: عودوا للذي كنتم فيه، قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي فجعل رسول الله ص يؤمن على دعائنا، دعا أبو هريرة فقال: اللهم إني أسألك مثل ما سأل صاحباي وأسألك علما لا ينسى، فقال رسول الله ص: آمين॥ فقال زيد وصاحبه: ونحن يا رسول الله نسأل علما لا ينسى... فقال سبقكم بها الغلام الدوسي. (يعني أبا هريرة). فأبو هريرة إذن محفوف بالعناية الإلهية، والدعوات النبوية، فإذا أضفنا الى ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة في الدلالة على حبه لرسول الله ص، وحرصه على نوال شفاعته الخاصة التي لا ينالها إلا الذين سبقت لهم الحسنى من الله فكانوا أسعد الناس بهذه الشفاعة، وهم الذين تكون شفاعته ص بهم شفاعة تشريف وتكريم وعلو درجات، وقرب من رسول الله ص، وليست شفاعة من ذنوب أو شفاعة من كبيرة أو كبائر وقد كان جواب النبي ص شهادة عظيمة منه لأبي هريرة رضي الله عنه.والسبب في اكثاره من الحديث وعدم نسيانه طول الصحبة، وملازمته لرسول الله ص وتأمين الرسول ص على دعائه ودعاء الرسول له ص. فقد روى البخاري ومسلم عن ابي هريرة انه قال: انكم تزعمون ان أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله ص والله الموعد، اني كنت امرءا مسكينا اصحب الرسول على ملء بطني.«ولو حسبنا عدد أيام صحبته للنبي ص لوجدنا أنها تبلغ أكثر من ألف وأربعمائة وستين يوما ولو قسمنا ما روي عنه من الأحاديث الشريفة على هذه الأيام وجدنا أنه يروي كل يوم ما يقارب ثلاثة أحاديث ونصفا، وفي كل مائة يوم 367 حديثا أو أنه كان يحفظ مائة حديث في كل سبعة وعشرين يوما، فهل يستغرب أن يحفظ أبو هريرة رضي الله عنه كل يوم أربعة أحاديث مع ما رأينا من قصة الكساء، وقصة الدعاء، وما رأينا من حرصه على العلم، وحرصه على حفظ الأحاديث الشريفة، ومع ما رأينا من انقطاعه لخدمة النبي ص وسماع أقواله، وزهده في الدنيا، وعيشه مع أهل الصفة، وصبره على الجوع في سبيل ذلك.وعندما قمت بنفسي بالتحقق من هذه المسألة بواسطة فريق مختص في الحاسب الآلي ظهرت لنا حقائق مهمة عن روايات أبي هريرة، فعندما تتبعنا رواياته وجدنا ان هناك ما يزيد عن ثمانمائة صحابي وتابعي رووا عنه الحديث وكلهم ثقات، لكن القضية الاساسية التي افادتنا عند استخدام الحاسب الآلي هي انه عندما ادخلت هذه الاحاديث المروية في كتب الحديث الستة وجدنا ان احاديث ابي هريرة بلغت 5374، ثم وجدنا بعد الدراسة بواسطة الكومبيوتر ان المكرر منها هو 4074 وعلى هذا يبقى العدد غير المكرر 1300 وهذا العدد تتبعناه فوجدنا ان العديد من الصحابة قد رووا نفس هذه الاحاديث من غير طريق ابي هريرة هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى وبعد ان قمنا بحذف الاحاديث التي رويت من غير طريق ابي هريرة في كتب الصحاح الستة وجدنا ان ما انفرد به ابو هريرة ولم يروه اي صحابي آخر هو اقل من عشرة احاديث.ومن هذا يظهر امانته وصدقه في رواية الحديث الشريف، ويبريء ذمته رضي الله عنه مما اتهم به، وقد ساهم في هذه الدراسة رجال خدموا سيرة ابي هريرة ومنهم محمد ضياء الدين الاعطى الذي قام بعمل دراسات دقيقة وبذل جهودا تستحق التقدير وقد ساعدني في هذا الموضوع.ثم شاء الله ان نطور العمل في احاديث ابي هريرة فانتقلنا من الكتب الستة الى الكتب التسعة وقد لاحظنا ان الاحاديث في الكتب التسعة المنسوبة الى ابي هريرة هي 8960 حديثا، منها 8510 بسند متصل و450 حديثا بسند منقطع وبعد التدقيق انتهينا الى ان الاحاديث التي رواها ابو هريرة في كل هذه الكتب التسعة بعد حذف المكرر هي 1475 حديثا، وقد اشترك في روايتها معه عدد من الصحابة. وعندما حذفت الاحاديث التي رويت عن طريق صحابة آخرين وصلنا الى حقيقة مهمة وهي ان ما اتى به ابو هريرة مع المكررات في كتب الحديث التسعة هي 253 حديثا، ثم ان الاحاديث التي انفرد بها ابو هريرة بدون تكرار ولم يروها احد غيره في الكتب التسعة هي 42 حديثا، وما زلنا نواصل البحث، لكن هذه الامور وهذه الحقائق ازالت كل تلك الشبه والتهم العقيمة والمغرضة التي كانت تلصق بأبي هريرة ويتهمونه فيها بالاكثار ويقولون عنه رضي الله عنه انه روى 8000 حديث بمفرده.. وبعضهم يقول انه روى 5000 حديث بمفرده.. هكذا دون روية او تدقيق او تمحيص.ولذا فاني استغرب من الذين يطعنون في هذا الصحابي الجليل كيف يطعن بمن وثقه النبي ص وشهد له بالحرص على الحديث، ووثقه صحابة النبي ص، وقال طلحة بن عبيد الله «أحد العشرة المبشرين بالجنة والملقب: طلحة الخير»: لا اشك بان ابا هريرة سمع من رسول الله ص ما لم نسمع، ولا نجد أحدا فيه خير يقول على رسول الله ص ما لم يقل.وشهد له عبد الله بن عمر فيقول: يا أبا هريرة أنت كنت ألزمنا لرسول الله ص واحفظنا لحديثه. وحذيفة ابن اليمان يوثقه ويزكيه وينقل تزكية ابن عمر له وقال رجل لابن عمر: ان ابا هريرة يكثر الحديث. فقال ابن عمر: أعيذك بالله ان تكون في شك مما يجيء به، لكنه اجترأ وجبنا.واعتمده ابو بكر رضي الله عنه بتبليغ الحديث لما كان أميرا على الحج: ان لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ووثقه كثير من الصحابة ورووا عنه وكثير من التابعين رووا عنه كذلك حتى قال البخاري: روى عنه الثمانمائة من كبار اهل العلم من الصحابة والتابعين وكان احفظ من روى الحديث في عصره.ولا بد ان نعلم انه رضي الله عنه قد حرص على تدوين الحديث وكتابته في آخر ايامه وكان يرجع اليه كلما سأله سائل، وقد روى الحاكم والامام احمد ما يدل ان الحديث كان مكتوبا عند ابي هريرة قال ابن حجر: لا يلزم من وجود الحديث مكتوبا عنده ان يكون بخطه فقد ثبت انه لم يكتب فتعين ان يكون المكتوب عنده بخط غيره، وكان يرجع في آخر ايامه الى ما كتب من الحديث.وقال الشافعي عنه: ابو هريرة احفظ من روى الحديث في عصره، ومن هنا فاني احذر الذين يطعنون في هذا الصحابي بأن الطعن بأبي هريرة طعن بالنبي ص الذي وثقه، وطعن بكبار الصحابة والتابعين الذين رووا عنه ووثقوه، وتطاول على السنة الشريفة.وقد حرص بعض اعداء الاسلام من الذين اثاروا الشبهة حول كثرة روايات ابي هريرة بقصد الطعن في رواية الحديث وكان هدفهم التشكيك في السنة النبوية الشريفة والتشكيك في الاسلام، فالذي يطعن بأبي هريرة يطعن بثمانمائة من الصحابة وكبار العلماء من التابعين، والامر اكبر من ذلك بكثير عند اهل العلم، لانه يستهدف السنة النبوية.وقد بين الامام القرطبي رضي الله عنه ان الطاعن في رواية هذا الصحابي طاعن في الدين خارج عن الشريعة مبطل للقرآن، بل قال بعض السلف: اجلال ابي هريرة اجلال للنبي ص، واتهام ابي هريرة فيما يرويه عنه زدراء على رسول الله ص وعلى ما جاء به.وختاما فاني اضع هذه المعلومات بين يدي القاريء الكريم حتى يتبين له الحق، ويعلم خطأ الذين يتهمون هذا الصحابي الذي صدقه رسول الله ص، وقربه وصحبه ودعا له، ولو لم يعلم فيه خيرا لما فعل كل ذلك.والقضية ليست قضية عاطفة وانما حقائق نضعها امام القارىء ولا املك الا ان اقول اتقوا الله في صحابة رسول الله ص ولا تتجرأوا ولا تتهموا ولا تلقوا القول على عواهنه بغير علم ولا هدى، فان الله عز وجل يقول: «ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا
نقلا عن المصريون للأستاذ محسن نبيل