الأربعاء، ١٩ مارس ٢٠٠٨

حبيبتي بلادي

قرأت مقال الأستاذ فهمي هويدي في أهرام 18/3/2008 م وفي الحقيقة أن المقال يحتوي على كم هائل من المنغصات ومن القضايا المؤلمة التي تدعونا إلى التوقف قليلا أو التوقف كثيرا أمام هذا المقال أو نستطيع أن نقول هذه الصرخة المدوية . هذه الصرخة المنشورة في أكبر الصحف القومية . هذه الصرخة التي مفادها أن مصرنا الحبيبة على حافة الانهيار وأن شعبنا الذي نحبه دخل في دائرة صعبة . دائرة كان أعدائنا قديما وحديثا يبحثون عنها . دائرة الجوع والفقر . دائرة العوز والحاجة . دائرة البحث عن رغيف العيش ويالها من كارثة هل يعقل أن يكون في بلادنا من يأكل الفئران البرية بعد ان استبد بهم الجوع !! وهل يعقل أن يكتب هذا الكلام في الأهرام ويبقى أهل الحكم بلا حركة . هل يعقل أن نقرأ أنه في سلة غذاء العالم يوجد من يتصارع على رغيف العيش حتى الموت . نعم حدث هذا فلقد نشرت الأهرام أن عشرة مصريين سقطوا في طوابير الخبز . وركز معي الأهرام هي التي نشرت ولم تأت الأخبار في جريدة صفراء ولا حمراء .
أنا لا أكتب هنا حتى أفرغ طاقة في مقال أنا هنا اصرخ مع الأستاذ فهمي هويدي صرخة مدوية لعلها تجد أذن صاغية لتسمع وتعي ثم تتحرك لتعمل . لتعمل أي شيء فلقد وصلت الأمور لمستوى لا يوجد بعده ما هو أدنى منه. والأخبار والبرامج مليئة بمدى الانحدار في كل شيء .
فمن الاحتكار في كثير من السلع الضرورية والاستراتيجية إلى المتاجرة بحاضر العباد والبلاد ومستقبلهم . إلى الغلاء الفاحش الذي طال كل شيء . كل شيء ارتفع ثمنه إلا الإنسان المصري هذا الإنسان الذي قدم أروع الأمثلة على مدى التاريخ من قديم الزمان والحضارة الفرعونية شاهدة على ذلك وعلى مدى العصور وإلى وقت قريب . فلقد قرأت أنه في وقت قريب ومنذ ما لا يزيد على 30 عاما للوراء كان المدرس أو المهندس أو الطبيب المصري حينما يأتي إلى بعض الدول العربية كانوا يعتبرونه من أكبر الخبراء وكانوا حينما يذكرون عواصم أوروبا يقولون بأن القاهرة أجمل منها وأكثر نظاما . هذا الإنسان الذي وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم وجعله خير أجناد الأرض . هذا الإنسان الذي جعل مصر مقبرة الغزاة . هذا الإنسان الذي كان دائما في مقدمة البشر . والذي سمعت من أحد العلماء الكبار أنه إذا كان في الأمة خير ففي مصر وإذا كان للأمة مستقبل فمن مصر وإذا كان للعرب قيمة فبسبب مصر . هذا الإنسان الذي تراه يُعلم في جامعات الوطن العربي هنا وهناك ولا تجد مجلس بحثي أو دار علم أو مجمع علمي إلا ووجدت فيه نموذج من النماذج التي نفخر بها . هذا الإنسان الذي حطم أسطورة الجيش الصهيوني . كل شيء ارتفع ثمنه إلا هذا المواطن . هذا المواطن الأمل أصبح بلا حاضر وبلا مستقبل . هذا المواطن الأمل أصبح بلا هوية يباع ويشترى في سوق النخاسة بأرخص الأسعار . فراتب المحاسب المصري في بعض مؤسسات الخليج لا يتعدي 300 دولار !!! راتب لا يكفي لشيء ولكن فقط يقبل به لأنه أفضل من لا شيء !! .
يدي ترتعش وأنا أكتب هذه الحروف . فهل أجدبت أرضنا الخضراء أن تنبت . وهل عقمت عقولنا أن تفكر وتبدع . وهل عجزنا أن نشعل شمعة لإضاءة هذا الظلام الحالك .
ما هذا يابلادي ؟ ما هذا الليل الطويل ؟ أين ضوء النهار ؟ ما هذه الرائحة العفنة ؟ أين رائحة الزهور ؟ ما هذا الصمت ؟ أين صوت العصافير ؟ أين صوت الأناشيد المبهجة ؟
حبيبتي بلادي : أعود لأسأل السؤال الذي سأله الأستاذ فهمي في بداية مقاله قائلا : (في الوقت الراهن بوجه أخص‏,‏ وأكثر من أي وقت مضي‏,‏ يجب أن تستنفر كل الطاقات الفاعلة في مصر وتستدعي للإجابة عن السؤال‏:‏ ما العمل؟) إذا ما العمل ؟ هذا سؤال أسأله لنفسي ولكل إنسان يعيش على تراب مصر ولكل مصري يعيش خارج أرض مصر . ما العمل ياإخوتي ياسادتي ياأساتذتي الكرام ياكل من يحب هذه البلد ، وياكل من يبحث عن خير ومستقبل هذا الوطن ما العمل ؟
العمل أن نلتأم ونتفق ونتعاون جميعا لإصلاح ما أفسده الآخرين . العمل أن يبحث كل منا في نفسه ثم يقول وبصوت عال : أنا السبب فيما يحدث الآن . ويقول أيضا سوف أكون أنا أول من يبدأ بإصلاح بلدي . أن نبدأ جميعا بالبعد عن الصغائر وسفاسف الأمور ونتجه سويا إلى مصلحة بلدنا . العمل ببساطة ياسادة ان نعود إلى أنفسنا لنبدأ بإرضاء ربنا سبحانة وتعالى عنا . ثم ليبدأ كل منا من الآن بترتيب وضعه ووضع بيته على أن أمامنا مشوار طويل وطريق صعب به كثير من الحفر والمطبات . فليبدأ كل في مجاله بإصلاح ما أفسده الآخرون . وليصبر على الطريق لأنه طويل وصعب ومن يريد أن يصدق أننا سنصل فليقرأ سير الرسل والأنبياء والمصلحين على مدار التاريخ وعلى رأسهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وليقرأ سير غاندي ومانديلا وليأخذ منها العبر .
حبيبتي بلادي : أغرس في نفس أولادي حب ترابك . وأُمَني نفسي بيوم سعيد على ضفاف نيلك . وأمني نفسي أكثر بلحظة حرية أنطلق فيها ولا أجد من يقول لي احذر فقد تجاوزت الخطوط الحمراء .
ومن الأكيد أن بلدي مليئة بالتجارب الناجحة الآن التي ربما لا يعلمها إلا أصحابها ومن المهم أن نبدأ بما يوحي بالأمل ويبعد عنا اليأس فأرجو من كل من يقرأ هذا المقال وعنده تجربة ناجحة أن يرسلها لي فلعلي أجمعها وأنشرها في مقال مستقل ليعم النفع .
وأنتم ياأهل الإصلاح يامن تعملون لإصلاح بلدي بصدر عار وظهر مكشوف ياأبناء الإسلام هذا وقتكم وهذا دوركم . أنتم والله أهل العز وأنت أهل المرحلة فاثبتوا ولا تتحركوا من أماكنكم واحشدوا الحشود فقد اقترب وقت الحصاد . وأروا الله منكم ما يحب .
ورسالة حب ودعاء لكل من كان قدره ومنحته في انتخابات المحليات فقد اختاركم الله لتكونوا أهل الفضل وأن تكونوا في مقدمة الصفوف فأسأل الله أن يثبتكم وأن ينصركم .

ليست هناك تعليقات: