الخميس، ٦ مارس ٢٠٠٨

دمعــة وأمـــل

عندما يكون اليأس هو الغالب على كل من تراهم . يكون العدو قد انتصر ماديا ومعنويا . ومعنى انتصار العدو أن نجلس في بيوتنا نندب حظنا . ونبكي على الأيام الخوالي . ونجلس لنتجرع آلام الهزيمة . ثم نذهب إلى عدونا نترجاه أن يعفو عنا وربما ندفع الجزية له (كما حدث من قبل) . ويأتي بعض أبناء جلدتنا ليرتدوا ويتبعوا دين عدونا ( وما أكثرهم ) . ونرى في شوارعنا ومدارسنا وبيوتنا مظاهر الهزيمة . مظاهر اتباع ثقافة العدو وأخلاق العدو . وياليتنا اتبعنا فكرهم في الإدارة أو العلم .
ولكن هل فعلا انتصر عدونا علينا ؟
بعد أحداث ومجزرة غزة الأخيرة ووجود هذا الصمت العربي والدولي . وحيث أنه لم تمتد يد واحدة بالمساعدة لإخواننا في غزة . ساد يأس رهيب بين كثير من أبناء العرب والمسلمين . وكان الإحساس الدائم أننا أمة مهزومة أو بالأحرى أمة ماتت ولن تستيقظ مرة أخرى .
ومن الواضح أن هذا هو هدف عدونا الأول . حيث كثر في الأيام الأخيرة الحديث عن الصحوة التي لابد أن تأتي ثمارها . ورأيت في إحدى القنوات الفضائية حوار طويل عن الانتقال من مرحلة الصحوة إلى مرحلة جني الثمار . وفي وقت سابق دللوا على أن الإسلام قادم والدليل ما حدث في تركيا واستحواذ حزب العدالة منفردا على الحكم . وكذلك فوز الإخوان في مصر بعدد كبير من مقاعد البرلمان . ووصول حماس إلى أغلبية ساحقة في انتخابات فلسطينية نزيهة . فكان السؤال : هل سيتقدم الإسلام ويحكم في هذه الدول ؟ فكان لابد من عمل ما لكي تهتز ثقتنا في مستقبلنا . وتهتز الثقة في المنهج الذي نسير عليه . وتهتز الثقة في الإسلام الذي نحمله ونفخر به . بل وربما يكون الأمر أبعد من ذلك .
ولهذا أعلنها الصهاينة صراحة نحن فعلنا هذا في غزة حتى نحطم معنويات الفلسطينين والقضاء على المقاومة والقضاء على حركة حماس. فهل حققوا هدفهم ؟ . تقول الأخبار أن القوات الصهيونية لم تسطع أن تستمر في مواجهة الأسود الغاضبة (كما أسماهم خالد مشعل) أكثر من أربعة أيام وأعلنوا في اليوم الخامس توقف المعركة من طرفهم بل وجاءت التعليمات من القيادة بالانسحاب . وكذلك تخبرنا وسائل الإعلام أن صواريخ القسام وصلت عسقلان بعد ان تجاوزت سيدروت أي انه أصبح هناك عدد كبير جدا من الصهاينة تحت رحمة صواريخ القسام .
وكذلك ففي اجتماع الحكومة الصهيونية الأسبوع الماضي والذي قاده المغامر الخائب اولمرت كانت هناك ثورة عليه من وزراؤه . متهمينه بالفشل في مواجهة صواريخ القسام .
ولننظر نظرة أخرى إلى قدوم البارجة الأمريكية كول حيث أنه دليل واضح على عجز الجيش الصهيوني عن حماية دولة الكيان المغتصب .
وواضح أن الصهيانة يحاولون الاختباء وراء الخزي الذي فعلوه في غزة وهذا العمل الإجرامي ليس بجديد عليهم فتاريخهم مليء بالمذابح والقتل الجماعي .
فمن ينظر إلى أحداث غزة يرى ثبات المقاومة واستمرار تصاعد قوتها ويرى فشل وخيبة أمل عند العدو فالعدو عاجز عن عمل أي شيء ولذلك قام بمهاجمة العزل من النساء والأطفال وهدم المباني . ولم تستطع الميركافا ولا الجنود المدججين بكل أنواع السلاح ولا الترسانة الضخمة ورائهم أن تحميهم أو تحقق لهم نصرا .
فبحمد الله كانت الجولة للمقاومة ولأبناء القسام . فلا مجال للحديث عن اليأس أو القنوط . والقادم افضل بإذن الله .
والسؤال الذي لابد ان يدور في أذهاننا ما هو دورنا في هذا الجو المعتم وفي هذه الأيام . هل يتوقف دورنا على المشاهدة في الفضائيات أو يتوقف دورنا على ذرف الدموع كالنساء .
إن لكل منا دور يؤديه . فلابد ان نعمل جميعا على رفع قدر هذه الأمة كل في مكانه. ولابد من القناعة الداخلية بأن هذه الأمة لم ولن تموت بإذن الله . فهكذا أخبرنا قرآننا وهكذا أخبرنا نبينا وهكذا يخبرنا الواقع القائم . فالأمة مليئة بالحراك الراغب في ترسيخ منهج الإصلاح القائم على الوسطية الإسلامية .
إن هذا الوقت هو وقت العمل ووقت العمل هو وقت الأمل والأمل يعطينا جميعا دفعة قوية للعمل لرفع الظلم الواقع على الأمة . إن أعداء الأمة يسارعون الخطى للقضاء عليها ونحن لن نعطيهم الفرصة بإذن الله . فالثبات على المبدأ ونشر قيمة الأمل بين شعوب هذه الأمة واجب علينا جميعا .
- أثناء مشاهدتي لقناة الجزيرة وهي تعرض مشاهد الأطفال في المذبحة الذي قام بها أعداء البشرية كنت أحمل طفلي الصغير الذي لم يبلغ 6 أشهر فنظرت إليه وقفزت من عيني دمعه ولكني وجدت نفسي أحدث ابني الصغير قائلا : اعلم يابني أننا قصرنا في حق إخواننا ولكن هذا لم يكن بأيدينا ولكنا منعنا أهل الحل والعقد في بلادنا واعلم ياولدي أن الأمل فيك وفيمن مثلك من أبناء المسلمين الأمل فيكم في تحرير الأرض والعرض وتحرير العباد والبلاد وأتمنى من الله أن تكون أنت من يحمل راية النصر لتثبتها فوق الأقصى بإذن الله .
ولهذا فواجب علينا تربية أنفسنا وأبنائنا ومن حولنا على العمل ثم الأمل وهذا واجب ثقيل وعلينا القيام به .
وفي الختام أوجه تحية إكبار وإعزاز لأهلنا في أرض الجهاد في فلسطين وأدعو الله أن يتغمد شهدائهم بالرحمة وأن يلهم أهلهم الصبر والثبات .
يقول الله تعالى: ( وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) النور : 55 ويقول تعالى ( يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم و الله متم نوره و لو كره الكافرون) الصف : 8 ويقول تعالى (إنا لننصر رسلنا و الذين آمنوا في الحياة الدنيا و يوم يقوم الأشهاد ) غافر : 51 . وروى الشيخان عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله" (ذكره في: صحيح الجامع الصغير برقم -7414).، وفي رواية لمسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله. . إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود" (ذكره في: صحيح الجامع الصغير أيضًا -7427).، ورواه الشيخان من حديث ابن عمر بلفظ: "تقاتلون اليهود، فتسلطون عليهم، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول الحجر: يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله" (ذكره في صحيح الجامع الصغير -2977).

ليست هناك تعليقات: