السبت، ١٦ فبراير ٢٠٠٨

رجــال الإصـــــلاح

طيرت وكالات الأنباء خبرا بحجز قضية الإصلاحيين الذين تم تحويلهم للمحكمة العسكرية وتم حجز القضية للحكم يوم 26 فبراير الجاري. وفي الحقيقة أنا لم أكن أتوقع بعد هذا المارثون الطويل من الجلسات وبعد هذا الكم الهائل من المرافعات وبعد الإرهاق والتعب الذي نال من الأهالي ومن المعتقلين وأيضا من القضاة ومن رجال الأمن . بعد هذا كله كنت أتوقع أن يغلب جانب العقل على صناع القرار في بلدي . كنت أتوقع أن تقفل القضية التي شوهت صورة بلدي وشوهت صورة أهل الحل والعقد في هذا البلد. كنت أتوقع أن يصدر صاحب القرار قراره الذي يعيد اللحمة لهذا الشعب. كنت أتوقع أن يفرج عن جميع المعتقلين بلا ضمانات ولا شيء سوى أن يقولوا لهم " لقد كانت هذه المحاكمة عقابا كافيا لكم ".
ولكن ! عقابا على ماذا ؟ هل يعاقب أحد على حب بلده ؟ هل يعاقب المخلص على إخلاصه ؟ هل يعاقب العالم على علمه ؟ وهل يعاقب المعطي لبلده على عطائه ؟.
ولكن ! هذه ضريبة لابد من دفعها. فلا يوجد على ظهر الأرض عمل مثل عملكم إلا عودي أهله وحورب أصحابه. فاصبروا ولا تجزعوا. فأنتم تسيرون على درب الرسل والأنبياء والمصلحون. فاصبروا وتماسكوا واحتسبوا. فإنه الأجر العظيم والفوز لكم لا لمن يحاكمونكم ولا لمن يحاربونكم.
وأنتم يا أسر ويا أبناء المصلحين ويا من تحملون على عاتقكم تربية الأبناء والبنات. لا تجزعوا وكونوا مثالا للصبر والترابط. هنيئا لكم أنكم من أهل الصلاح. ومن أهل المصلحين. هنيئا لكم الأجر والثواب من الله عز وجل. هنئا لكم أن كنتم في المقدمة وإن شاء الله سوف تكونوا في المقدمة يوم العرض. وسيكون الله والملائكة في صفكم أنتم. وسيكون الخذلان والغضب والعار على رأس هؤلاء الذين حاربوكم. والذين هتكوا ستركم والذين آذوا أبناءكم.
وأنت يا أيها القاضي الذي سيقف هذا الموقف أمام المصلحين وأسرهم. ستقف لتنطق بالحكم الذي سيكون في رقبتك أمام الله. اعلم أن للكون إله عادل واعلم أنك ستقف أمامه عاريا ليس بينك وبينه حجاب واعلم أن الذي تخاف منه اليوم لن يكون معك يوم القيامة. بل اعلم أنه سوف يتبرأ منك أمام الله وسيقول لك ما أمرتك بشيء. وعندها لن ينفعك أحد. اعلم يا سيادة القاضي أنك في موقف لا تحسد عليه ولكن من الممكن أن تجني من وراء هذا الموقف ما لا يستطيع أحد أن يجنيه. أرجوك يا سيدي أن تعيد الحق إلى أهله وإن شاء الله أنت أهل لكل خير. أرجوك أن تكون أنت من ينهي هذه المعاناة. فهؤلاء الذين يقفوا أمامك هم أهلك وعشيرتك. هؤلاء هم أهل صلاح وتقوى. لم يرتكبوا جرما واحدا. هؤلاء ليسوا من أهل السوابق. كل سوابقهم خير وعطاء وقيام ليل وحفظ قرآن ومحافظة على بلدنا الغالي مصر. فهل هذه جرائم يا سيدي. أرجوك أن تراعي دموع زوجاتهم وبكاء أطفالهم. سيدي وأنت الآن حكم وإن شاء الله تكون حكم عدل وقد رأيت وشاهدت وعلمت أن كل شيء ملفق وأنه لا يوجد جرائم على الإطلاق أرجو أن تصدر حكمك التاريخي بتبرئة هؤلاء جميعا. وصدقني ستنال رضا الله. ودعاء جميع المتابعين لهذه القضية وهم كثر.
وأنت أخي القارئ اعلم أنه لا تربطني بهؤلاء جميعا صلة قرابة أو نسب. ولكن تربطني بهم وبك صلة أقوى وأعلى من صلة النسب. صلة هي التي تقربنا جميعا وهي التي تجعلنا جميعا في مركب واحد نحاول جميعا إنقاذه. هذه الصلة هي الإسلام. وأيضا صلة الشراكة في هذا الوطن. فنحن جميعا على أرض هذا الوطن شركاء في الحاضر والمستقبل. واعلم أن واجبنا الآن هو الدعاء لهؤلاء بالثبات والدعاء للقضاة بأن يكون قضاة عدل والدعاء لبلدنا وأمنا مصر أن يحفظها الله من كل سوء. وأدعو أخيرا لمن سيتخذ القرار بالهداية.

ليست هناك تعليقات: