الأحد، ٨ مارس ٢٠٠٩

المستقبل وشباب الأمة ..

منذ فترة طويلة وأنا أسأل نفسي سؤالا أصابني بالأرق الدائم وهذا السؤال هو : ماذا نريد من المجتمع حولنا بالضبط ؟ هل نريد منه أن يحمل هم هذا الدين وهم هذه الأمة كما نحمله نحن ؟ أم نريده أن يكون مجتمعا متدينا فقط وبعد أن يفهم دينه سوف يتحول بطبيعة الحال إلى مجتمع إيجابي يحمل الفكرة الإسلامية ويرقى بها إلى مصاف المجتمعات الراقية؟
كنت أجلس في أحد الأماكن العامة وكان حولي هرج ومرج وأصوات شباب لم تعجبني تصرفاتهم وجلست أفكر ماذا أفعل مع هؤلاء واستطعت أن أخلو بعدد منهم وسألتهم سؤالا واضحا : لو جاء إلينا الآن رجل من الذين يعملوا ضد هذه الأمة ترى هل سيكون سعيدا ؟ فأجابوا جميعا بالإيجاب . وسألتهم مرة أخرى : لماذا تعملون على إسعاد أعداء الأمة ؟ فقالوا : لعلها فترة ثم نفيق . فرد أحدهم وقال لا لن تكون فترة فالغالب على الشباب في هذه الأيام هو التفاهة والجري وراء شهواته وكذلك إتباع الفتن في كل مكان وأخذ آخر الحديث وقال : لا إن الشباب فقد التفكير فهو لا يفكر إلا في نفسه ووقته فقط فهو أصبح لا يعرف كلمة المستقبل أصلا حتى يبحث عنها فالكل يعلم أنه يتعلم لكي يحمل شهادة فقط ثم يضاف بعد ذلك إلى أرقام العاطلين. فقلت لهم هل تتصورا أنه من الممكن أن تقوم بلد ما على أكتافكم أو أن ينتصر جيش ما أنتم جنوده أو تتفوق أمة ما أنتم مستقبلها ؟ فصمتوا خجلا وقالوا من فضلك ادع لنا . نسيت أن أقول أن جميع الثلاثة طلاب في جامعة الأزهر .
هذا يحملنا مسئولية كبيرة عن شباب الأمة الذي استطاع أعداء الداخل والخارج أن يفسدوه بل ويجعلوه مفسدا. فلقد حملوه من الهموم والأمراض ما لا يستطيع حمله فو الله إني مشفق جدا على الأجيال القادمة ولا أدري هل من حلول جاهزة موجودة لدى أي جهة لإنقاذ هؤلاء الشباب أم أن المسكنات هي الحل الجاهز كما اعتادت حكوماتنا الرشيدة المتعاقبة . إننا مطالبون جميعا أن نبذل كل ما لدينا لإنقاذ هؤلاء لأنهم إذا بقوا على هذا المستوى فلن يكون لدولنا ولا لأمتنا مستقبل يذكر .
لقد تنقلت كثيرا بين الدول العربية ويكاد يكون الحال واحدا بين دولنا جميعا فالنظام التعليمي يحتاج إلى تغيير شامل والنظام الوظيفي يحتاج إلى تغيير أيضا وقوانين الاستثمار لا تخدم الشباب بل تعمل في صالح فئات معينة تريد أن تزداد ثراء .
ويبقى الأمل فيمن يحملون راية الحق ويتحركون بها فشباب الأمة أمانة يجب ألا نضيعها وشباب الأمة فيه من الخير الكثير ولكن فقط يجب أن نحسن التعامل معهم ولذلك لابد أن نحسن بناء أنفسنا فلابد أن نمثل المسلم الحضاري الذي يحمل كل الخير ويحمل الروح الإبداعية العالية وأن نكون على قدر كبير من المعرفة وأن نجيد صناعة جسور التواصل مع الأجيال الجديدة .
إن الشاب لا يريد منك أن تجلس منه مجلس الأستاذ لتنصحه وتملي عليه أفكارك ، بل يريد منك أن تكون صديقه تعيش عصره وتفهم العصر كما يفهمه هو ، فعلينا أن نقتحم عوالم هؤلاء الشباب ولا نتركهم فريسة للشرق والغرب فكثير منهم أصبح لا يعرف شيئا عن دينه ولا أمته بل وكثير منهم لم يعد يعرف شيئا عن نبيه صلى اله عليه وسلم . فعلى كل منا في مكان عمله أو في مسكنه أو في عائلته أن لا يضيع أي وقت إذا وجد حوله شباب ، عليه أن يتحدث معهم ويتركهم يتحدثون حتى يعبروا عن أنفسهم وعليه أن يوجه فقط للصواب ، علينا أن نستمع لهم فغيرنا صنع مواقع الدردشة على الشبكة العنكبوتية حتى يصنع مجتمع افتراضي لهؤلاء الشباب ونحن نعرف جميعا نتيجة هذه الدردشة والمستوى المتدني من الأحاديث التي تدور فيها .
ونداءا أوجهه لمن بيده الأمر في بلادنا : الشباب هم أمل المستقبل فإذا فقدناه فقدنا مستقبلنا كما فقدنا حاضرنا ولن يكون مستغربا في المستقبل أن يحصد الصهاينة ما يخططوا له . فيا من بيدكم القرار في بلادنا أنقذوا شباب الأمة بخطط قصيرة وطويلة والمدى قبل فوات الأوان .

ليست هناك تعليقات: